للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الموقف وقفه ولاة قرطبة في قضائهم فكانوا يلزمون القضاة العمل بمذهب ابن القاسم. قال الشاطبي: ومن هنا شرطوا في الحاكم بلوغ درجة الاجتهاد. وحين فقد لم يكن بد من الانضباط إلى أمر واحد كما فعل ولاة قرطبة حين شرطوا على الحاكم أن لا يحكم إلا بمذهب فلان ما وجده – يعني مذهب ابن القاسم – ثم بمذهب فلان. فانضبطت الأحكام، وبذلك ارتفعت المفاسد المتوقعة، فهذه القوانين في الواقع في كثير من حالاتها تجهز على الخلافات وعلى التلاعب في الأسواق وبين المتعاملين. أما الرأي الذي يقول: العبرة بالألفاظ. هو في اتجاه أيضًا له أنصاره في مختلف المذاهب، في المذهب الحنفي والشافعي، ويراجع في المذهب الشافعي وكذلك في المذهبين المالكي والحنبلي. فالذي يأخذ بالألفاظ وصيغ الألفاظ، العلماء الأحناف وجدوا حلًّا لهذه المعضلة، لهذه المشكلة. المشكلة حلت في زمنهم وهي أشبه بمشاكل الكساد الاقتصادي أو البوار الاقتصادي التي تحل بين حين وآخر في العالم الإسلامي ومختلف أنحاء العالم. فعندما هبط الكساد في سمرقند، وحلت بالناس كوارث اقتصادية، وأفلس كثير من التجار، لجأوا إلى بيع الوفاء وبيع الاستقلال. واختلف الرأي الفقهي عند أئمة المذهب الحنفي وذلك بالنسبة إلى تغليب اللفظ أو المعنى. فمن غلَّب المعنى اعتبر هذا البيع رهنًا منذ البداية وأجرى عليه كل أحكام الرهن، ومن نظر إلى اللفظ قال: لا، إننا نستعمل عقد بيع. فهذا البائع والمشتري يبيع أنه باع داره لهذا، وهو المدين غالبًا يبيع داره لدائنه، بدون ذكر شروط في هذا العقد، فيصبح العقد عقد بيع صحيح. ثم يلحق هذا العقد بعقد آخر، بشرط أنه متى أتى بالثمن أقاله من العقد. فهنا اشترطوا الإقالة أو الفسخ، ثم ألزموا الناس بالمواعدة، وقالوا: إن هذه المواعدة نقضي بلزومها لحاجة الناس، وبذلك قضوا على كثير من المفاسد وكثير من الأضرار التي حلت بهم. وأكتفي بهذا القدر وشكرًا.

الرئيس:

شكرًا. قبل أن أعطي الكلمة للشيخ علي، ما ذكر في بعض الولاة على أنه ألا يقضي إلا بقول ابن القاسم ما وجده، فأنا أذكر تعليقات لبعض المالكية ولغيرهم والشيخ الأمير رحمه الله تعالى صاحب (أضواء البيان) ذكر جملة منها في مذكرة له قدمت لهيئة كبار العلماء في عام ١٣٩٣هـ. وكانت النقود المعلقة من بعض المالكية ومن غيرهم على هذه يقولون: يا ليته قال: إلا الدليل ما وجده.

تفضل يا شيخ علي.

<<  <  ج: ص:  >  >>