للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ محمد المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.

الإيجار الذي ينتهي بالتمليك، هو صيغة لا بد أن ننظر في المقوم أو الغاية الأساسية أو ما يمكن أن نعتمد عليه في إخراج الحكم الشرعي. القضية الأولى في نظري هو أنه: هل المخارج الشرعية أو ما يعبر عنه بالحيل أو الخروج من المضائق هو أمر مقبول أم لا؟ فإذا اتفقنا على أنه يمكن وأنا نأخذ بهذه المخارج حتى نيسر على الناس حياتهم فإنه يقع النظر في هذا. وإن قلنا إنه لا بد أن ننظر إلى المعاني والمباني فكل هذه العقود ترد. فهي عقود جديدة نتجت عن التطور الاقتصادي، وزاد هذا التطور مضيًّا ما تقوم به البنوك الإسلامية من طرق الاستثمار في العالم الإسلامي، فالإيجار المنتهي بالتمليك قصد البنك، وقصد المتعامل معه. القصد هو البيع، فلو طبقنا أحكام البيع على هذا فإننا لا نجد مخرجًا، فوجد الفقهاء في البنوك الإسلامية من جملة المخارج الإيجار المنتهي بالتلمليك، هذا الإيجار المنتهي بالتمليك يعطي للبنك ضمانات في بقاء العين تابعة له لا يتصرف فيها المستأجر بالتفويت، ومن ناحية أخرى فإن المستأجر يطمئن إلى أنه عند نهاية المدة تنقلب تلك العين ملكًا له، بل الأكثر من هذا هو أن المؤجر – أي المالك –لا يريد بحال من الأحوال أن تعود له العين المملوكة في بعض الصور له، وهذا كما يقع بين بنك التنمية الإسلامي وبين الدول التي يؤجرها معدات تركز في معامل تكون قد استهلك كثير من أجزائها ومن صلاحيتها، وتفكيك تلك المعدات وإرجاعها إلى البنك يكلف البنك أكثر من قيمتها. فالنظر إذن لا بد أن يكون على أساس إيجاد مخارج تتناسب مع الوضع الاقتصادي الذي عليه العالم الإسلامي. من هذه المخارج الإيجار المنتهي بالتمليك، كيف نتصوره؟ تصوره البعض على هذه النحاة من أنه بيع وأنه إجارة في آنٍ واحد. وجعله بيعًا وإجارة في أن واحد هو غير سليم، ذلك أن ضمان العين أو ما يترتب على ملك العين لا يجوز أن يتحمله المستأجر، فإصلاح العين لبقاء الإيجار مثلًا، هو لا يصح أن يكون على المستأجر وإنما هو على المالك، فلا بد من التفرقة بينهما. الأحكام مختلفة كثيرًا بين واجبات المالك وبين واجبات المستأجر، ولهذا ما جاء من سؤال الأخ سامي حمود عن الشروط التي تتحول من موجبات الملكية إلى المكتري هي شروط غير مقبولة، ولا بد أن يبقى المالك مالكًا يتحمل كل ما يترتب على الملك مما بينه الفقهاء، وأن يكون المستأجر مستأجرًا يتحمل كل ما يترتب على الإيجار فِقْهًا. فهذه هي إذن عندما نجعل المالك مالكًا والمستأجر مستأجرًا إلى نهاية العقد. كيف يستطيع المستأجر أن يعود له الملك وأن يصبح الملك ملكًا له؟ إذا قلنا ذلك بثمن فهذا ما لا أستطيع أن أقول إنه حلال، لأن وضع المبيع بعد عشرين سنة أو بعد عشر سنوات ومواصفاته وحالته هي تختلف اختلافًا جدًّا من عشرة إلى خمسين في المائة. فقد تستهلك العين بالاستعمال في المدة فتصبح في نهاية مدة الأجل لا تساوي إلا خمسة في المائة أو عشرة في المائة من قيمة رأس المال. وتارة لا تستهلك استهلاكًا كبيرًا، فإذا بقيمتها خمسون أو ستون في المائة، كذلك نوعية الاستعمال والمحافظة على المعدات هي تختلف من شخص إلى آخر، ومن مؤسسة إلى مؤسسة أخرى، فلذلك لا يجوز أن يحدد ثمن للمثمن غير معلوم، فعلم العوضين هو شرط أساسي. ولذلك لا يوجد في نظري إلا مخرج واحد، وهو أن يعده بالهبة في نهاية عقد الإجارة، فإذا انتهت الإجارة إلى أجلها، عندها تنتهي القضية وتصبح ملكًا للمستأجر، بقي أمر، وهو ما تفضل به سيادة مفتي الجمهورية المصرية في إيجار السيارات، إيجار السيارات أمرها بسيط نظرًا لأن الملك يبقى ويستطيع أن يبيعها بالأقساط، والملك هو يبقى في بطاقة الملكية لا يجوز له أن يبيعها ولا أن يهبها، معروف هذا، والمسألة لا تستحق أن تكون كراء بالإيجار وإنما هو بيع مقسط من الأول، وهي ملك له، يحافظ عليها من أول الأمر ولا تنتهي رفع الحصانة عليها إلا عندما يتم الأقساط بتمامها وكمالها. فهذا ما اعتقده، وشكرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>