للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلام الشيخ هنا واضح كل الوضوح في تحريم المعاملات الربوية التي يقع التعامل بها في المصارف، وهو يتفق مع الفتاوى الجماعية التي صدرت بعد ذلك، وأشرت إليها من قبل.

وذكره للسندات الحكومية يدل على أنه يرفض ما زعمه الزاعمون من أنه " لا ربا بين الدولة وأبنائها". وقد ثبت بطلان هذا الزعم في بحث آخر.

ونرى الاضطراب في كتابه " الفتاوى"؛ حيث أفتى بتحريم فوائد السندات، وهذا يتفق مع ما سبق، غير أنه أفتى بحل فوائد توفير البريد التي حرمها من قبل أو من بعد، وهذا التعارض بين الفتويين قد يعني أنه رجع عن إحداهما، ولكن التفرقة بين فوائد دفتر التوفير وفوائد السندات تناقض، فلا فرق بين أموال دفتر توفير لها زيادة محددة مقابل المبلغ والزمن، وأخرى لسندات لها زيادة محددة أيضا مقابل المبلغ والزمن، مع أن الشيخ نفسه نص على تحريم فوائد البنوك، ولم يعلم أنه أحلها.

وإذا كان هذا مسلك الكاتب، والفتاوى لشخص واحد، فإنا لا نعجب عندما لا يشير إلى فتوى الشيخ عبد المجيد سليم بتحريم فوائد البنوك، وهو الذي تولى مشيخة الأزهر مرتين قبيل الشيخ شلتوت، وتولى الإفتاء عشرين عاما، وله آلاف الفتاوى.

وأكثر من هذا أنه لم يشر إلى أي شيء مما ذكرناه عن المؤتمرات والإجماع، بل قال: فوائد البنوك حلال مائة في المائة! وقال: حلال على مسئوليتي!!

وبعد أن عرض السيد الدكتور أستاذ التاريخ الجزء الذي راقه واتفق مع هواه من تاريخ فكرنا الاقتصادي، انتقل بعد ذلك إلى الإجابة عن سؤال سأله، وهو: لماذا حرم الإسلام الربا؟

ونقل شيئا من تفسير الرازي، ثم قال: " هذه بعض الجوانب في حكمة تحريم الربا ويذكر المفكرون المحدثون جوانب أخرى ذات بال ... ".

ونقل كلاما لأبي الأعلى المودودي، ثم قال: "هل توجد هذه العيوب في شهادات الاستثمار والإيداع بالبنوك؟ "

ثم ختم كلامه هنا بقوله: " وهناك قاعدة فقهية تقول: أن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما ".

<<  <  ج: ص:  >  >>