للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع الثاني: بيع الاستئمان، وهذا النوع من البيوع هو البيع الذي يكون فيه المشترى جاهلًا بالثمن، ويقول للتاجر بعني بالثمن الذي تبيع به للناس فهذا قد صرح بوثوقه في أمانته فلا يجوز للتاجر أن يزيد على ثمن السوق. ولكن لم تحد له الشريعة حدًّا في الربح لا يجوز له أن يتجاوزه، فلو اشترى السلعة بعشرة وكان ثمنها في السوق مائة وباع للمستأمن بمائة فليس له حق القيام عليه وما تحصل عليه من الربح حلال له.

النوع الثالث: تدخل السلطة لتحديد أرباح التجار. وهذا هو المعبر عنه بالتسعير ورأي أنه المقصود الأعظم من العنوان.

التسعير لغة: الاتفاق على سعر – أسعروا وتسعروا تسعيرًا، بمعنى واحد، اتفقوا على سعر وقال الصاغاني أسعره وسعره بينه. والتسعير تقدير السعر، قاله ابن الأثير (١)

التسعير اصطلاحًا:

(أ) تقدير السلطان أو نائبه للناس سعرًا وإجبارهم على التبايع بما قدره.

(ب) أن يأمر الوالي الناس بسعر لا يجاوزونه (٢)

(ج) أن يأمر الوالي السوقة أن لا يبيعوا أمتعتهم إلا بكذا (٣) .

(د) تحديد حاكم السوق لبائع المأكول فيه قدرًا للمبيع بدرهم معلوم (٤)

(هـ) تحديد حاكم السوق المبيع المأكول فيه قدرًا للجميع بدرهم معلوم (٥) .

هذه التعريفات الخمسة تتفق أولًا على أن التسعير المبحوث فيه إنما هو تدخل صاحب السلطة في تحديد الثمن، سواء أكان الحاكم العام، أو صاحب السوق المفوض له من الوالي متابعة ما يجري في الأسواق وإقامة العدل بينهم – وثانيًا على أن هذا التدخل إنما هو في تقدير ثمن المبيع دون غيره من المصالح التي يحتاج إليها الناس كالإجارة والكراء، والحمل والتطيب والتعليم... إلخ.

وتتفاوت في محتواها ذلك أولًا.

إن التعريف الأول والثاني أعم من البقية؛ لأن التعريف الأول لا يجعل التسعير خاصًّا بالسوق، بل يجري التسعير على السوقة وعلى غيرهم لقولهما (للناس) بينما هو على التعريفات الثلاثة الأخرى يختص بالسوق.

ثانيًا: أن حد ابن عرفة وتلميذه ابن ناجي أخص من الثلاثة الأولى إذ يربط التسعير بالمأكول وحده بينما يطلق أصحاب التعريفات الأخرى فيتناول التسعير عندهم المأكول وغيره.


(١) تاج العروس: ١٢/٢٨
(٢) مطالب أولي النهي: ٣/٦٢ أسنى المطالب: ٢/٣٨ الموسوعة الفقهية: ١١/٣٠١.
(٣) زاد المحتاج: ٢/٣٨ مغني المحتاج: ٢/٣٨
(٤) شرح حدود ابن عرفة: ص ٢٥٨
(٥) ابن ناجى: ط ١٢٠ حاشية الجلاب: ٢/١٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>