للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذهب إليه ابن منظور من أن الحاكم يسعر على أهل السوق بعد أن ينظر في شرائهم ويترك لهم من الربح ما لا ضرر فيه على العامة، وأنه لا يحل له أن يحدد ثمنًا دون نظر إلى معطيات موضوعية للتسعير، وأن هذا أمر متفق عليه، يؤكد ذلك ما في سماع أشهب لصاحب السوق: بيعوا على ثلث رطل من الضأن ونصف رطل من الإبل (يعني أن الدرهم يشتري به ثلث رطل أو نصف رطل) ، قال مالك: ما أرى به بأسًا إذا سعر عليهم شيئًا يكون فيه ربح يقوم لهم من غير اشتطاط (١)

الشافعية: اقتصر صاحب تكملة المجموع على نقل كلام ابن القيم (٢)

الحنابلة الذي أفاض القول في التسعير هو شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. يقول ابن القيم: وأما التسعير فمنه ما هو ظلم محرم ومنه ما هو عدل جائز.

فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه أو منعهم مما أباح الله لهم فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل ومنعتهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل فهو جائز بل واجب.

وابن القيم يلتقي مع ابن العربي في أن التسعير لا يحكم عليه حكم مطلق، ولكن ينطبق في الظروف التي أدت إليه، فما كان منه ظلمًا للناس فهو حرام، وما كان منه حماية للناس من الظلم، فهو واجب. وبهذا يصبح الخلاف هو في تحقيق المناط أي في بيان الأحوال التي تحقق فيها الظلم لصاحب السلعة، فيكون تصرف صاحب السوق حرامًا. وفي الأحوال التي ظلم فيها أرباب السلع غيرهم فيكون رفع ظلمهم واجبًا.


(١) المعيار ٦/٤٠٩، الطرق الحكمية ص: ٣٠٢
(٢) المجموع: ١٣/٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>