للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحاصل مذهب الحنفية أن الإمام أو نائبه لا يتدخل في تسعير قيم المبيعات إلا في القوت إذا تلاعب التجار بالسوق حتى بلغ الضعف نصًّا في المذهب، وفي غير القوت قياسًا على القوت.

المالكية: سئل القاضي أبو عمر بن منظور عن التسعير فكان مما أجاب به: (أهل الأسواق والحوانيت الذين يشترون من الجلاب وغيرهم جملًا ويبيعون ذلك على أيديهم) . قيل هم كالجلاب الحكم واحد في كل ما مضى لا فرق، قاله عبد الله بن محمد، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وقيل إنهم بخلاف الجلاب، لا يتركون على البيع باختيارهم إذا غلبوا على الناس، وإن على صاحب السوق أن يعرف ما اشتروا ويجعل لهم من الربح ما يشبه وينهي عن الزيادة، ويتفقد السوق، فيمنع من الزيادة على ما حد. ومن خالف أمره عوقب بما يراه من الأدب أو الإخراج من السوق أن كان البائع معتادًا لذلك مشتهرًا به، وهو قول مالك في سماع أشهب، وإليه ذهب ابن حبيب، وقال به من السلف جماعة. ولا يجوز عند واحد من العلماء أن يقول لهم بيعوا بكذا وكذا ربحتم أو خسرتم من غير نظر إلى ما يشترون به، ولا أن يقول لهم فيما اشتروه لا تبيعوه إلا بكذا وكذا مما هو مثل الثمن الذي اشتروه به أو أقل، وإذا ضرب لهم الربح على قدر ما يشترون، فلا يتركهم أن يغلوا في الشراء، ولو لم يزيدوا في الربح إذ قد يفعلون ذلك لأمر ما، مما يكون نتيجته ما فيه ضرر (١)

فابن منظور يرى أن على صاحب السوق أن يتدخل بتحديد الثمن كلما تعسف أهل السوق من التجار في مقتضى الحرية، وظلموا الناس دون أن يربط مجال التسعير بقوت أو غيره، والذي ذهب إليه ابن عرفة أن التسعير إنما يكون في القوت خاصةً لقوله في تعريفه (تحديد حاكم السوق لبائع المأكول فيه) علق الرصاع على هذا بقوله: أخرج به غير المأكول، لأنه لا يسعر (٢)


(١) المعيار: ٥/٨٤ـ٨٥
(٢) شرح حدود ابن عرفة: ص ٢٩٥

<<  <  ج: ص:  >  >>