للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والضمان هنا لا شيء فيه، فيمكن الإقراض مع أخذ رهن، ولكن لا يحل للمقرض الاستفادة من هذا الرهن.

وقد يكون الإقراض بضمان الراتب مثلا، أو من الوسائل التي تضمن حق المقرض، وما دامت الوسائل لا يمنعها الشرع فهي حلال، ولكن الحرمة هنا في الربا.

والبنك عند الإقراض يحسب الفائدة الربوية، ثم يطرحها من القرض، ويعطي الباقي فقط، مثلا تريد امرأة أن تقترض لضرورة ملجئة، فتأخذ ما لديها من حلي، وتذهب إلى البنك تطلب قرضا، يأخذ البنك الرهن، ويتفق على إقراضها مائتين: فلو فرضنا أن النسبة المئوية للفائدة الربوية هي (٢٠) ، فإنه يعطيها ١٦٠ جنيها فقط، مع أنه في حالة الاقتراض لا تحسب الفائدة إلا بعد المدة، فلو أنه اقترض ١٦٠ جنيها بفائدة ٢٠ % مثلا فالقرض بعد المدة يصبح ١٩٢ جنيه، على حين أن المبلغ نفسه في حالة الإقراض يصبح ٢٠٠ جنيه، أي أن الفائدة هنا ٢٥ % وليست ٢٠ %!

ونسمع أن البنوك تسهم في مشروعات صناعية وتجارية وعمرانية إلخ، والواقع أن إسهامها هنا عادة يكون عن طريق الإقراض الربوي لأصحاب هذه المشروعات، وليس عن طريق المشاركة الإسلامية.

إن هذه القروض كلها محرمة، سواء أكانت استهلاكية أم إنتاجية.. ويستوي في هذا الفائدة الكبيرة والفائدة المنخفضة.

والمقرض آثم لا شك.. فلا عذر له.

والمقترض آثم كذلك إلا عند الضرورة.

والضرورات تبيح المحظورات. ولكن الضرورة تقدر بقدرها، فما زاد عن حد الضرورة ظل محرما، فما الضرورة إذن في القروض الإنتاجية؟

الذي يريد أن ينشئ مصنعا، أو يبني عمارة، أو يعلي بيتا، أو يستورد سلعا أو غير ذلك من المشروعات الإنتاجية.. لا يحل له أن يأخذ قروضا ربوية، إلا إذا وجدت حالات خاصة تدخل ضمن الضرورات، وللأسف الشديد يتساهل كثير من المسلمين في مثل حالات الاقتراض هذه، وقد لا يتأثمون ولا يتحرجون، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن الاثنين: آكل الربا وموكله، وجعل الآخذ والمعطي شريكين في الإثم.

روى الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم "أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله" وزاد مسلم وغيره: "وكاتبه وشاهديه". وقال: "هم سواء".

(راجع مثلا: فتح الباري – كتاب البيوع: باب آكل الربا وشاهده وكاتبه، وباب موكل الربا. وصحيح مسلم: كتاب البيوع: باب لعن آكل الربا وموكله. واقرأ ثلاثين حديثا في الترهيب من الربا في كتاب الترغيب والترهيب ٣: ٣ – ١٤) .

وفي الإقراض الذي تزاوله البنوك يصادفنا أمر عجيب غريب يصعب تصوره، ولا يدركه إلا من ألم بأعمال البنوك.

<<  <  ج: ص:  >  >>