للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيمكن مثلا أن نتصور أن شخصا يقترض ألفا، ومن الألف يقرض بضعة آلاف، ويبقى عنده رصيد؟!

هذا ما تفعله البنوك الربوية! تخلق النقود وتقرضها!

تقرض ما ليس عندها، وما لا تملكه، وتأخذ ربا!

والأمر هنا دقيق، ولذلك أترك عرضه لرجال الاقتصاد المختصين.

تحدث أحدهم عن المرحلة الحاسمة في تطور الفن المصرفي وهي خلق النقود:

دخل الفن المصرفي في دور جديد عندما تواضع الناس على قبول التزامات البنوك بديلا عن النقود في الوفاء بالديون، سواء أكان ذلك في صورة إيصالات الإيداع أم في صورة أوامر الصرف التي كان يحررها المودعون لدائنهم على البنوك، فقد فطنت البنوك في كلتا الحالتين إلى إمكان إحلال تعهداتها بالدفع محل النقود فيما تمد به عملاءها من قروض بما يترتب على ذلك من زيادة طاقتها على الإقراض، ومن ثم على جني الأرباح. ولم يكن من العسير، ووقد تمتعت ديون البنوك بالقبول العام كأداة للوفاء بالالتزامات أن تقنع المصارف هؤلاء العملاء بملاءمة اقتضاء مبالغ القروض في ودائع جارية قابلة للسحب في الحال، أو في صورة سندات تتعهد المصارف بمقتضاها بالدفع لدى الطلب (بنكنوت) ، ولن خفى على القارئ أهمية هذا التطور الحاسم في تاريخ البنوك، فلم يكن حسب هذا الاستعمال النقدي لودائع (ديون) البنوك أن ضيق من نطاق أوامر الدفع فأدى إلى زيادة موارد الائتمان عن ذي قبل، ولكنه أدى أيضا إلى ما هو أكثر أهمية، فقد أصبح في استطاعة البنوك خلق هذه الودائع ومحوها من الوجود بما تزاوله من عمليات التسليف أو الإقراض أو التثمير. وإذ تقوم هذا الودائع مقام النقود في تسوية الديون بين الأفراد، فقد تهيأ لبنوك الودائع أن تزاول سلطانا خطيرا على عرض وسائط الدفع في النظام الاقتصادي، ولإيضاح ذلك نفترض مرة أخرى أن جملة ما أودعه الأفراد لدى البنوك من النقود القانونية مليون من الجنيهات، وأن نسبة الرصيد النقدي الحاضر الذي تحتفظ به البنوك لمواجهة أوامر الدفع من قبل المودعين هي الربع.

<<  <  ج: ص:  >  >>