للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندئذ يمكن للبنوك، وقد أحلت تعهداتها بالدفع محل النقود في الوفاء بالقروض، أن تقدم للناس من القروض ما قيمته ثلاثة ملايين من الجنيهات دون أن يؤثر ذلك على نسبة الرصيد النقدي الحاضر الذي تقتضي دواعي الحيطة والأمان الاحتفاظ بها لمواجهة طلبات الصرف المحتملة من قبل المودعين. ويتضح ذلك بالنظر إلى هذه الصورة المبسطة لميزانية النظام المصرفي (بصرف النظر عن حساب رأس المال) :

أصول جنيه خصوم جنيه

نقود في الخزانة ١٠٠٠٠٠٠ الودائع ٤٠٠٠٠٠٠

سندات وقروض ٣٠٠٠٠٠ الجارية -

المبلغ ٤٠٠٠٠٠٠ - -

وهكذا تهيأ للبنوك وقد أودع لديها مليون من الجنيهات أن تنشئ على دفاترها من الودائع ما قيمته أربعة ملايين، لا يمثل منها ما أودعه الناس بالفعل من نقود قانونية لدى البنوك سوى الربع – والربع فقط – على حين تتحصل الثلاثة ملايين جنيه الباقية في ودائع مخلوقة أنشأها النظام المصرفي بمناسبة ما قامت به مجموعة البنوك من عمليات التسليف والتثمير والإقراض.

ومن هنا يتضح لنا سذاجة الاعتقاد بأن مصدر الودائع المصرفية هو إيداع الأفراد أرصدتهم النقدية في صورة عملة قانونية لدى البنوك، فإن الودائع الأصلية التي تنشأ في ذمة البنوك التجارية على هذا النحو لا تمثل سوى قدر محدود من مجموع الودائع الثابتة على دفاتر البنوك، في حين ينشأ الشطر الأكبر منها بمناسبة قيام البنوك بعمليات إقراض أو تثمير يستوفيها في صورة ودائع قابلة للسحب لدى الطلب، ومن هنا أيضا تتحصل الخصيصة الأساسية لما تزاوله البنوك من نشاط في ميدان الإقراض فيما تهيأ لهذه المؤسسات من إقراض الناس ما ليس عندها أو بعبارة أدق، فيما توصلت إليه من خلق الموارد التي تستعملها في إقراض عملائها في غمار عملية الإقراض ذاتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>