للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما ورد فعل (شرى) في الماديات في قصة يوسف الصديق: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [سورة يوسف: الآية ٢٠] .

وفي جملة آيات يطلق القرآن الكريم على التجارة وصفًا أو عنوانًا يوحي بالرضا عنها، وهو – الابتغاء من فضل الله – وذلك في مثل قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [سورة الجمعة: الآية ١٠] .

وقوله: {وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [سورة المزمل: الآية ٢٠] .

والقرآن لا يمنع ابتغاء هذا الفضل، ولو في موسم الحج، وقصد النسك والعبادة، فيقول سبحانه {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [سورة البقرة: الآية ١٩٨] .

كما نوه برحلتي قريش الشهيرتين بين اليمن والشام بقوله: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} [سورة قريش: الآيات ١-٣] .

ابتغاء الربح لإيتاء الحقوق والمحافظة على أصل المال:

وقد روى الترمذي من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا من ولي يتيما له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة)) (١) .

وهذا الحديث إن كان فيه مقال، فقد روى الطبراني في الأوسط من حديث أنس مرفوعًا: ((اتجروا في أموال اليتامى، لا تأكلها الزكاة)) (٢) .

وصح نحو هذا مرسلًا، من حديث يوسف بن ماهك مرفوعًا، كما صح هذا المعنى موقوفًا على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه (٣) .

وكل هذه الأحاديث تشير إلى أمر هام في ميدان الاقتصاد والتجارة، وهي أن الحد الأدنى الذي ينبغي أن تحققه التجارة الناجحة، هو: أن يفي الربح بما يجب في المال من زكاة، إلى جوار النفقة أيضا أي النفقة المطلوبة لرب المال ومن يعوله.


(١) رواه في أبواب الزكاة، حديث (٦٤١) ، ط. حمص. وفي سنده مقال.
(٢) قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: أخبرني سيدي وشيخي (يعني الحافظ العراقي) : أن إسناده صحيح (حـ ٣/٦٧) ، وحسنه الحافظ ابن حجر والسيوطي، كما في فيض القدير (١/١٠٨) .
(٣) انظر: كتابنا فقه الزكاة (حـ ١/١٢٢، ١٢٣) ط. وهبة بالقاهرة، السادسة عشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>