للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونهى عن النجش (١) أما تلقي الركبان، فهو أن يستقبل الرفقة ويتلقى المتاع ويكذب في سعر البدل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تتلقوا الركبان ومن تلقاها فصاحب السلعة بالخيار بعد أن يقدم السوق)) (٢) ، وهذا الشراء منعقد، ولكنه إن ظهر كذبه ثبت للبائع الخيار، وإن كان صادقًا ففي الخيار خلاف لتعارض عموم الخبر مع زوال التلبيس (٣) .

ونهى أيضًا أن يبيع حاضر لباد (٤) : وهو أن يقدم البدوي البلد ومعه قوت يريد أن يتسارع إلى بيعه، فيقول له الحضري: اتركه عندي حتى أغالي في ثمنه، وأنتظر ارتفاع سعره، وهذا في القوت محرم وفي سائر السلع خلاف، والأظهر تحريمه لعموم النهي، ولأنه تأخير للتضييق على الناس على الجملة، من غير فائدة للفضولي المضيق.

((ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش)) وهو أن يتقدم إلى البائع بين يدي الراغب المشتري، ويطلب السلعة بزيادة، وهو لا يريدها، وإنما يريد تحريك رغبة المشتري فيها، فهذا إن لم تجر مواطأة مع البائع، فهو فعل حرام من صاحبه، والبيع منعقد، وإن جرى مواطأة ففي ثبوت الخيار خلاف، والأولى إثبات الخيار لأنه تغرير بفعل يضاهي التغرير في المصراة وتلقي الركبان.


(١) حديث النهي عن النجش: متفق عليه من حديث ابن عمر، وأبي هريرة.
(٢) متفق عليه من حديث ابن عباس، وأبي هريرة، وأنس.
(٣) أقول: واتباع الخبر أولى.
(٤) رواه البخاري وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>