للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان واثلة بن الأسقع واقفًا، فباع رجل ناقة له بثلاثمائة درهم، فغفل واثلة وقد ذهب الرجل بالناقة، فسعى وراءَه وجعل يصيح به: يا هذا، اشتريتها للحم أو للظهر؟ فقال: بل للظهر، فقال: إن بخفها نقبا قد رأيته، وإنها لا تتابع السير، فعاد فردها فنقصها البائع مائة درهم، وقال لواثلة: رحمك الله أفسدت علي بيعي، فقال: إنا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى النصح لكل مسلم، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يحل لأحد يبيع بيعًا إلا أن يبين ما فيه، ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا بينه)) (١) .

قال الإمام الغزالي معقبًا على هذه الواقعة:

(فقد فهموا من النصح أن لا يرضى لأخيه إلا ما يرضاه لنفسه، ولم يعتقدوا أن ذلك من الفضائل وزيادة المقامات، بل اعتقدوا أنه من شروط الإسلام الداخلة تحت بيعتهم، وهذا أمر يشق على أكثر الخلق فلذلك يختارون التخلي للعبادة والاعتزال عن الناس لأن القيام بحقوق الله مع المخالطة والمعاملة ومجاهدة لا يقوم بها إلا الصديقون) (٢) .

التدليس بإخفاء سعر الوقت:

ويدخل في ذلك، أو يقرب منه: التدليس في سعر الوقت، فالواجب – كما ذكر الغزالي – أن يصدق في سعر الوقت ولا يخفي منه شيئًا، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي الركبان (٣) .


(١) قال الحافظ العراقي: حديث واثلة
(٢) إحياء علوم الدين: ج ٢، كتاب أدب الكسب والمعاش: ص ٧٦، ط. دار المعرفة، بيروت.
(٣) حديث النهي عن تلقي الركبان: متفق عليه من حديث ابن عباس، وأبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>