للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الغزالي:

فهذا إحسان في أن لا يربح على العشرة إلا نصفًا أو واحدًا على ما جرت به العادة في ذلك المتاع في ذلك المكان، ومن قنع بربح قليل كثرت معاملاته واستفاد من تكررها ربحًا كثيرًا، وبه تظهر البركة.

كان علي رضي الله عنه، يدور في سوق الكوفة بالدرة ويقول: معاشر التجار، خذوا الحق تسلموًا، لا تردوا قليل الربح فتحرموا كثيرة.

قيل لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: ما سبب يسارك؟ قال: ثلاث، وما رددت ربحًا قط، ولا طلب مني حيوان فأخرت بيعه، ولا بعت بنسيئة، ويقال: إنه باع ألف ناقة فما ربح إلا عقلها باع كل عقال بدرهم، فربح فيها ألفا وربح من نفقته عليها ليومه ألفًا.

الربح عن طريق الاحتكار:

ومن الربح الذي لا يحل لتاجر مسلم: ما جاء عن طريق الاحتكار الذي نهى عنه الشرع.

فقد روى الإمام مسلم في صحيحه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحتكر إلا خاطئ)) (١) .

والخاطئ هو الآثم، وقد وصف الله أكثر الطغاة المستكبرين بهذا الوصف حين قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} [سورة القصص: الآية ٨] .

وروى أحمد والحاكم من حديث ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم: ((من احتكر الطعام أربعين يومًا فقد برئ من الله، وبرئ الله منه)) (٢) .

وعن علي رضي الله عنه: من احتكر الطعام أربعين يومًا نسا قلبه!.

وعنه أيضا: أنه أحرق طعام محتكر بالنار (٣) .

وقيل في قوله تعالى في شأن المسجد الحرام: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [سورة الحج: الآية ٢٥] .


(١) رواه في كتاب المساقاة من صحيحه.
(٢) قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث (الإحياء) : رواه أحمد والحاكم بسند جيد وحسنه الحافظ في (الفتح) وقواه في (القول المسدد في اللب عن المسند) ردًّا على ابن الجوزي الذي ذكره في (الموضوعات) وعضده بجملة شواهد وأيده السيوطي ونقل ذلك عنه في اللآلئ المصنوعة: ٢/١٤٧، ١٤٨
(٣) نقل ذلك الغزالي في الإحياء: ٢/٧٢، ٧٣

<<  <  ج: ص:  >  >>