لذا، فإن جهود المجمع الفقهي الإسلامي بجدة بفضل الخبرة والحنكة، والاطلاع الواسع الذي يتميز به أمينه العام، العالم الجامع، والمجرب الغيور على وطنه الإسلامي، وعلى عقيدته الإسلامية الشيخ محمد الحبيب بن الخوجة، قد أحسن صنعًا بتنظيم هذه الندوات التي تقرب بعيد الفقه الإسلامي وتجمع شتاته من حنايا ذلك الزخم العظيم من المؤلفات الفقهية التي أصبحت تعج بها المكتبات ويلفها النسيان في طياته، بحيث أوشكت أن تدخل في عداد الرصيد التاريخي الذي يعتز به اليوم، ولا سبيل إلى تطبيقه، وليس لذلك من سبب سوى قصور الهمم والارتماء في أحضان المستورد من الغرب أو الشرق، والحكم بأنه الوسيلة الوحيدة للخروج من أزمات كان ذلك المستورد هو السبب فيها.
وللمساهمة في هذا اللقاء المبارك سندرس الموضوع من خلال النقاط التالية:
١- التعريف بالتجارة.
٢- بيع المرابحة.
٣- التسعير.
٤- سلامة الربح من العيوب الشرعية.
٥- تحريم الاحتكار.
٦- مبررات تدخل الدولة لتنظيم الربح.
٧- الخاتمة.
١- التعريف بالتجارة:
لقد تمَّ تعريف التجارة في كتب التفسير وكتب الفقه حكمًا، كما ورد تعريفها في المعاجم لغة، وأيضًا ورد ذكر التجارة في كتاب الله العزيز عدة مرات، منها ما يدل على المعاوضة ومنها ومنها ما يدل على الربح الذي يناله العبد ثوابًا من ربه جزاء على فعله للصالحات، واجتنابه للمنهيات ففي موضوع المعاوضة، قال الله عز وجل في الآية ٢٩ من سورة النساء:{يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إلاَّ أن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ولا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}
قال القرطبي في تفسيره: التجارة في اللغة عبارة عن المعاوضة ومنه الأجر الذي يعطيه الباري سبحانه وتعالى لعبده عوضًا عن الأعمال الصالحة.