فهذه النصوص المختلفة فيما نقل من فعل أهل الجاهلية بشأن القرض، توضح أنهم كانوا يفعلون ذلك في الغالب – على الأقل – بزيادة مشروطة في العقد – أي بما نسميه الآن في المصارف بالفائدة – وقد يكون في بعض الأحيان قرضا حسنا حسبة للمعوزين.
فكيف يقال: أن الزيادة التي أضيفت على المال بعد الاستحقاق ثم التأجيل "ربا" – سواء أكان أصل الدين قرضا أم ثمن سلعة – أما الزيادة التي زيدت على المستلف في مبدأ الإقراض، والثانية التي أضيفت على المال بعد الاستحقاق ثم التأجيل، وبهذا يتناسق التشريع – كما هو الشأن في تشريعات الإسلام – والأمر الثاني: أن يقع في التناقض – وحاشا لله، وهو أمر مستحيل) (١) فلم يبق إلا التسوية بين الزيادتين في الحكم واعتبار النص القرآني متناولا لهما معا، وإجراء حكمه عليهما.
ومن جهة ثانية، فما دمنا كلنا متفقين على أن القرض الجاهلي كان بعضه حسنا وبعضه الآخر بالزيادة المشروطة في أصل العقد وهذه الزيادة مماثلة للزيادة اللاحقة بعد الاستحقاق والتأجيل مرة أخرى. فلا مفر من التسوية بينهما في الحكم، إلا بدليل يخصص إحداهما بالحكم دون الأخرى. وليس بين يدينا هذا الدليل، فتكون التفرقة بينهما في الحكم تحكمًا.
(١) ربوية الفوائد المصرفية، للشيخ عثمان صافي المكتب الإسلامي – ٢٨ بيروت.