وقد أشرنا إلى أن بعض البلدان الإسلامية اعتمدت العرف بإطلاق كما اعتمده أهل الغرب ففي بعض المواد في القانون المصري تقليد للقانون الفرنسي بما انتقده العلامة السنهوري في كتابه الوسيط، وهنا أشرنا إلى أن الأردن اشترطت في قانونها أن يكون جاريًّا على مقتضى الفقه الإسلامي عند عدم النص وحيث أن القانون المدني الأردني مرتكز على الشريعة وأصولها ومستمد من قواعدها وآخذ بكل ما يتطلبه النمو الحضاري والتقدم البشري ونظم المعاملات حتى صار جامعًا بين أصالة الماضي وجدة الحاضر اقترحت جامعة الدول العربية على خبرائها أن يكون القانون الذي سيرفع إلى الأمانة العامة لوزراء العدل للدول العربية، وقد تابعه في ذكر القانون الذي سيرفع إلى الأمانة العامة لوزراء العدل للدول العربية، وقد تابعه في ذلك القانون المدنى الكويتي الذي ابتدئ العمل به في٢٥ فبراير سنة ١٩٨١.
وينحصر موضوع البحث في عشر موضوعات:
الموضوع الأول: في ورود تكرر العرف والمعروف في القرآن والحديث، وهو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة وتقرب لله وإحسان إلى الناس، وقد قيد سبحانه طاعته وطاعة رسوله به فقال:{وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} ، تعدد ذكره في القرآن والحديث في صفة الأمة وحكومتها والأحوال الشخصية والمالية والآداب الإسلامية بما يجعلنا نجزم بأن المعروف هو المعهود بين الناس في معاملاتهم وعاداتهم وهو يختلف نوعًا وقدرًا وصفة باعتبارات مختلفة ويشمل كل معروف في الشرع في العادات والمعاملات ومن هنا كان ركنًا من أركان الدين وأصلًا من أصول الشريعة.
الموضوع الثانى: كون مرجع العبادات النصوص من الكتاب والسنة ومرجع العادات والمعاملات المعاني والمصالح، وقد تعرضنا هنا للمصالح المرسلة وأخذ المذاهب بها وفرقنا بينها وبين البدع بما أطال به الشاطبي في ذلك موفيًا بالغرض، وعلقنا على مبالغات الطوخي فيأخذه بالمصالح وتقديمه لها على النص والإجماع واعتماده في ذلك على حديث ((لا ضرر ولا ضرار)) وتعليله له بأن العبادات حق الشارع وخاصة به فلا تعرف إلا منه كمًّا وكيفًا وزمانًا ومكانًا بخلاف حقوق المكلفين فقد وضعت لصالح العباد.
وقد أبرزنا أن أدلة الأحكام الدنيوية فيما يعرض للناس كافة قد تثبت بنص محكم قطعي أو بنص صحيح بعمومه أو تعليله أو مفهومه أو بنص تكليفي ظني أو بنص غير وارد مورد التكليف أو بما سكت عنه الشرع وكان مرجعه العرف والمعروف مما تستقر به الأمور وتنتظم به الحياة.
الموضوع الثالث: موقف الإسلام من العادات والتقاليد وقد قسمناها إلى ثلاثة أقسام، أولًا ما أقره الإسلام هو صلاح. ثانيًا ما قيده بما هو في حاجة إلى الإصلاح. ثالثًا من أبطله مما كان فسادًا يشهد لذلك ما ورد في الآيات والأحاديث في رفع الحرج والمشقة والتيسير وعدم التعسير.