للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدلة النقلية: وهي الكتاب والسنة، ويلحق بهذا النوع الإجماع ومذهب الصحابي وشرع من قبلنا على رأي من يأخذ بهذه الأدلة ويعتبرها مصادر للتشريع، وإنما اعتبر هذا النوع من الأدلة نقليًّا، لأنه راجع إلى التعبد بأمر منقول عن الشارع، لا نظر ولا رأي لأحد فيه.

الأدلة العقلية: وهي التي مرجعها النظر والرأي، وهذا النوع هو القياس، ويلحق به الاستحسان والمصالح المرسلة والاستصحاب. وإنما كان هذا النوع عقليًّا، لأن مرده إلى النظر والرأي لا إلى أمر منقول عن الشارع (١) .

والقسمة التي ذكرناها، إنما هي بالنسبة إلى أصول الأدلة، أما بالنسبة إلى الاستدلال بها على الحكم الشرعي، فكل نوع من النوعين مفتقر إلى الآخر، لأن الاستدلال بالمنقول عن الشارع لا بد فيه من النظر واستعمال العقل الذي هو آداة الفهم، كما أن الرأي لا يكون صحيحًا معتبرًا إلا إذا استند إلى النقل، لأن العقل المجرد لا دخل له في تشريع الأحكام (٢) .

الكتاب هو مرجع الأدلة كلها:

قلنا قبل قليل بأن الأدلة على نوعين، نقلية وعقلية، وعند النظر نجد أن الأدلة محصورة في الكتاب والسنة، لأن الأدلة الثابتة لم تثبت بالعقل، وإنما تثبت بالكتاب والسنة، لأن مرجع الأحكام إليهما، وهما المستندان لها وذلك من جهتين:

الأولى: دلالتهما على الأحكام الجزئية الفرعية، كأحكام الزكاة والبيوع والعقوبات ونحوها.

والثانية: دلالتهما على القواعد والأصول التي تستند إليها الأحكام الجزئية الفرعية كدلالتهما على أن الإجماع حجة وأصل للأحكام، وكذا القياس، ونحو ذلك.

ثم إن مرجع السنة إلى الكتاب وذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن العمل بالسنة والاعتماد عليها واستنباط الأحكام منها، قد دل عليه القرآن الكريم، حيث قرن الله تعالى طاعته بطاعة رسوله في أكثر من موضع من كتابه الكريم قال عز شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (٣) .

وقد تكرر هذا الأمر منه سبحانه وتعالى في نصوص كثيرة من القرآن الكريم. وتكراره يدل على عموم طاعته سواء كان ما أتى به مما في الكتاب أو مما ليس فيه إلى نصوص أخرى تفيد هذا المعنى، مثل قوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٤) . وقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٥) .


(١) انظر الوجيز في أصول الفقه، لأستاذنا الدكتور عبد الكريم زيدان، مطبعة الدار العربية ببغداد: ص١٤٥
(٢) انظر الوجيز في أصول الفقه، لأستاذنا الدكتور عبد الكريم زيدان، مطبعة الدار العربية ببغداد: ص١٤٥
(٣) سورة النساء: الآية ٥٩.
(٤) سورة الحشر: الآية ٧.
(٥) سورة النور: الآية ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>