للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: أن يكون العرف مقارنًا ولا يعتبر العرف المتأخر في التصرفات السابقة، فإذا طرأ عرف جديد بعد اعتبار العرف السائد عند صدور الفعل أو القول، فلا اعتبار بالعرف المتأخر وعلى هذا يجب تفسير حجج الأوقاف والوصايا والبيوع ووثائق الزواج وما يراد فيها من شروط واصطلاحات على عرف المتصرفين الذي كان موجودًا في زمانهم لا على عرف حادث بعدهم يقول ابن نجيم: " العرف الذي تحمل عليه الألفاظ إنما هو المقارن السابق دون المتأخر، لذلك قالوا لا عبرة بالعرف الطارئ (١) .

رابعا: أن لا يوجد قول أو عمل يفيد عكس مضمونه، كما إذا كان العرف في السوق تقسيط الثمن واتفق العاقدان صراحة على الأداء، أو كان العرف يقضي بتحمل المشتري مصاريف تصدير البضاعة المشتراة واتفقا على أن تكون على البائع، أو كان العرف جاريًّا بتحمل المشتري مصاريف تسجيل العقار في الطابو واتفق الطرفان على جعلها على البائع، ففي هذه الحالة يحل ما اتفق عليه محل العرف والقاعدة هنا " ما يثبت بالعرف بدون ذكر لا يثبت إذا نص على خلافه (٢) .

حكم العرف إذا تعارض مع دليل شرعي:

قد يختلف العرف مع الدليل الشرعي، والدليل إما أن يكون نصًّا من نصوص الشريعة وهي الكتاب والسنة، أو يكون قياسًا أو إجماعًا، وإما أن يخالف بعض الآراء الاجتهادية وهي الأحكام الشرعية الظنية المستنبطة من الأدلة الشرعية.

والحكم في مخالفة العرف الدليل الشرعي يختلف باختلاف الأدلة وباختلاف عموم النص وخصوصه، ويختلف بحسب المخالفة إن كانت من وجهه أو من بعض الوجوه.

يقول ابن عابدين: " إذا خالف العرف الدليل الشرعي، فإن خالف من كل وجه بأن لزم منه ترك النص فلا شك في رده كتعارف الناس كثيرًا من المحرمات من الربا وشرب الخمر ولبس الحرير والذهب وغير ذلك مما ورد تحريمه نصًّا، وإن لم يخالفه من كل وجه بأن ورد الدليل عامًّا والعرف خالفه في بعض أفراده أو كان الدليل قياسًا، فإن العرف معتبر إن كان عامًّا، فإن العرف العام يصلح مخصصًا كما مر عن التحرير ويترك به القياس كما صرحوا به في مسألة الاستصناع ودخول الحمام والشرب من السقا وإن كان العرف خاصًّا فإنه لا يعتبر هو المذهب كما ذكره في الأشباه حيث قال: فالحاصل أن المذهب عدم اعتبار العرف الخاص، ولكن أفتى كثير من المشايخ باعتباره " (٣) .


(١) الأشباه والنظائر: ص ١٠١.
(٢) القواعد للعز بن عبد السلام: ٢ /١٧٨.
(٣) رسالته في العرف: ص ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>