للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرف العملي:

وهو ما اعتاد الناس فعله في معاملاتهم وتصرفاتهم ومثال ذلك الزوجان يختلفان في المهر بعد البناء فيدعي الزوج أنه دفعه لها وتنكر الزوجة ذلك، فقد قال الإمام مالك رحمه الله: إن القول للزوج لأن العرف بالمدينة كان جاريًّا بدفع المهر قبل الدخول، وتطرد هذه القاعدة في كل بلد له مثل عرف أهل المدينة وكذلك عند المالكية من حاز عقارًا عشر سنين، ثم قام شخص يدعي استحقاق ذلك العقار دون تقديم حجة مقنعة على سكوته طيلة تلك المدة كغيابه أو عدم علمه فإنه لا ينتفع بالبينة التي تثبت له أصل الملك وذلك لأن العرف قد جرى بعدم سكوت شخص على ملكية آخر لأرض يملكها هو وكذلك فيما إذا سكتا عن تسمية المهر وكانت هناك عادة جارية بقدر الصداق فإنه يحكم بهذا القدر.

العرف الفعلي الخاص بفرد:

حكى فيه شهاب الدين القرافي الإجماع على عدم الاعتداد به وأنكر عليه بعض الفقهاء المالكية حكاية الإجماع هذه، وأوردوا أنه يمكن الاعتداد بالعرف الفعلي الخاص وساقوا لذلك مثلًا فيما إذا وكل أحد الناس آخرًا في شراء ثوب له، فاشترى له ما لا يناسب عادته، فإن الوكيل ملزم بما اشترى وليس الموكل.

العرف الجاري بالترك:

ومثال هذا هو تسامح الناس في ثمار الغصن الخارج عن حدود البساتين، فمن وجد شيئا من مثل هذا الثمر جاز له أكله دون توقف على إذن صاحب البستان وذلك لأن أصحاب البساتين يتسامحون في مثله ولا يتعرضون لمن يلتقطه.

حجية العرف:

لم نجد فيما ساقه الفقهاء من أدلة الحجية العرف دليلًا قويًّا من كتاب أو سنة كما لم نجد في نفس الوقت أي دليل ضد الأخذ بالعرف الصحيح الذي لا يتنافى مع الشريعة ... بل هناك مزايا عدة في الأخذ بالعرف الصحيح لتسهيل مجرى العدالة والوصول إلى الحكم العادل بين الناس، ولذلك اعتبر الفقهاء على اختلاف مذاهبهم العرف وجعلوه أصلًا ينبني عليه شطر عظيم من أحكام الفقه (١) .


(١) الشيخ أبو سنة، العرف والعادة: ص ٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>