للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ على أعضاء هذا المجمع الكريم أن يرفعوا عقيرتهم منادين بغير وجل كي يعود الأمر إلى نصابه، ويعطي القوس باريها، فالشريعة الإِسلامية تأبى كلَّ الإِباء أن يُقَدَّم عليها عرف البشر فضلًا عن قوانين البشر، ورضا علماء المسلمين وحكامهم ومحكوميهم بذلك خيانة لله وللرسول ولهذا الدين.

وهذا البحث الذي أقدَّمه في هذه الدورة من دورات مجمع الفقه الإِسلامي عني بالتركيز على هاتين القضيتين:

الأولى: مسألة جمود كثير من فقهاء المسلمين على الأحكام والفتاوى التي أصدرها السابقون، وكان مدركها العرف، على الرغم من تغير عرف الناس فيها.

والثانية: تقديم عرف الناس وعوائدهم على الشريعة الإِسلامية. وقد تم هذا البحث في مقدمة وثلاثة فصول:

تناولت في المقدمة: تعريف العرف في اصطلاح الفقهاء والقانونيين كما وضحت الفرق بين العرف والعادة عند الفقهاء والقانونيين، وما يترتب على هذا الفرق عند من يقول به.

الفصل الأول: مخصص للحديث عن العرف والشريعة، بينت فيه مكانة العرف عند الأمم الماضية، وكيف كان العرف صادًّا للناس عن اتباع الحق؟ وبينت عيوب العرف وآفاته، وكيف أقصت الشريعة الإِسلامية العرف عندما حكمت ديار المسلمين؟ وكيف أعاد المسلمون العرف إلى الصدارة وقَدَّموه على الشريعة، وفي هذا رِدَّة جاهلية وتأخر وجمود.

والفصل الثاني: يبحث في حجية العرف، وهذا الفصل يتبين به قارئه الموضع الذي يجب أن يضع فيه العرف، وقد بينت فيه موقف الفقهاء من الاحتجاج بالعرف، والأدلة على اعتبار العرف كما ذكرت رتبة العرف من التشريع وبينت أقسامه وأوردت بعض الأمثلة لأحكام بنيت على العرف.

الفصل الثالث: في تغير الأحكام والفتاوى بتغير العرف أوردت في هذا الفصل الأسباب التي تدعو إلى تغير العرف والعوائد، وبينت فيه أيضًا وجوب تغير الأحكام والفتاوى إذا تغير العرف الذي بنيت عليه تلك الفتاوى والأحكام، وختمت هذا الفصل بإيراد بعض الأمثلة التي تغيرت أحكامها أو بطلت بسبب تغير عرف الناس فيها.

آمل أن أكون قد وفيت هذا الموضوع حقه، ومن الله أسأل المثوبة وإليه أتوجه بالحمد والثناء ومنه أسأل العصمة من الزلل في القول والعمل إنه نعم المولى والمجيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>