للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا – تمييز العرف عما قد يشتبه به:

٧- العرف والعادة:

أقرب المعاني شبهًا بالعرف: العادة.

والعادة في اللغة: الاستمرار على الشيء، سميت بذلك لأن صاحبها يعاودها، أي: يرجع إليها مرة بعد أخرى (١) ووجه الشبه: أن من معاني العرف: تتابع الشيء متصلًا بعضه ببعض.

أما في الاصطلاح، فللعلماء في تعريفها مسلكان: يقضي أولهما بعدم التفريق بين العادة والعرف في المعنى. ويقضي الآخر بانفراد كل منهما بمعنى.

(أ) ففي " المستصفى "، للنسفي: " العادة والعرف: ما استقر في النفوس من جهة العقول، وتلقته الطباع السليمة بالقبول (٢) وبمثل هذا قال عدد من الباحثين (٣) .

(ب) والذين سلكوا المسلك الآخر لم يتفقوا على معيار للتفرقة بين العادة والعرف فبينما يرى بعضهم أن العادة هي العرف العملي، وأن العرف هو القولي (٤) ، يرى آخرون أن العادة – عند إطلاقها – لا تشمل إلا بالفعل، وإن العرف – عند إطلاقه – يشمل الفعل والقول (٥) ويبدو من كلام " الشاطبي " أنه فرق بين العادة والعرف على أساس أن العادة كلية أبدية " العوائد العامة "، وأن العرف راجع إلى عادة جزئية داخلة تحت العادة الكلية " وهي التي يتعلق بها الظن لا العلم " (٦) ، ويميل بعض الباحثين إلى التفرقة بين العرف والعادة على أساس أن العادة أمر فردي، وأن العرف عادة جماعية (٧) .


(١) الفيومي، المصباح المنير: ٢ /٨٨. المعجم الوسيط: ٢ /٦٤١.
(٢) انظر فيما سبق: فقرة ٦، هامش ٥.
(٣) علي حيدر، درر الحكام: " والعرف بمعنى العادة " وهو ما يفهم من كلام: أحمد فهمي أبو سنة في: العرف والعادة وأخذ بهذا الاتجاه: عبد الوهاب خلاف " العرف هو ما تعارفه الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك، ويسمى العادة وفي لسان الشرعيين: لا فرق بين العرف والعادة " وهو ما اختاره: محمد سلام مدكور في المرجع السابق ذكره. وكذلك: عمر عبد الله في المقال المشار إليه ص ٣: " فلا تفيد كلمة العادة معنى غير معنى العرف " وهو أيضا ما اختاره السيد صالح عوض في المرجع المتقدم: ص ٦١.
(٤) الكمال بن الهمام التحرير، وشرحه: تيسير التحرير، لمير بادشاه محمد أمين، طبعة الحلبي ١٣٥٠هـ: ١ /٣١٧ وكذلك: التقرير والتحبير، لابن أمير حاج، القاهرة ١٣١٦هـ: ١ /٢٨٢ أحمد الزرقاء، شرح القواعد الفقهية: ص ١٦٥، " العادة: هي الاستمرار على شيء مقبول للطبع السليم، والمعاودة إليه مرة بعد أخرى وهي المرادة بالعرف العملي ".
(٥) السيد صالح عوض، الكمال بن الهمام التحرير، وشرحه: تيسير التحرير، لمير بادشاه محمد أمين، طبعة الحلبي ١٣٥٠هـ: ١ /٣١٧ وكذلك: التقرير والتحبير، لابن أمير حاج، القاهرة ١٣١٦هـ: ١ /٢٨٢ أحمد الزرقاء، شرح القواعد الفقهية: ص ١٦٥، " العادة: هي الاستمرار على شيء مقبول للطبع السليم، والمعاودة إليه مرة بعد أخرى وهي المرادة بالعرف العملي ": ص ٦١ والمراجع التي أشار إليها.
(٦) الشاطبي، الموافقات، القاهرة ١٣٤١هـ: ٢ /٢٩٨.
(٧) محمد مصطفى شلبي، أصول الفقه الإسلامي، بيروت ١٩٨٦م: ١ /٣١٣ منصور محمد الشيخ أصول الأحكام، طبعة الجامعة الإسلامية / ليبيا: ص ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>