للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣١- ثالثًا- اتجاه الماتريدية:

توسط أبو منصور الماتريدي وأتباعه بين اتجاه الأشاعرة واتجاه المعتزلة فاتفقوا مع الأشاعرة في أن حكم الله لا يعرف إلا بواسطة رسله، وخالفوهم فيما رأوه من أن حسن الأفعال وقبحها شرعيان لا عقليان واتفقوا مع المعتزلة في أن حسن الأفعال وقبحها مما تدركه العقول بناء على ما فيها من نفع أو ضرر، وخالفوهم فيما رأوه من أن حكم الله لا بد أن يكون على وفق حكم العقل (١) وفي هذا المعنى يقول صاحب التوضيح: " عند المعتزلة: العقل حاكم بالحسن والقبح موجب للعلم بهما وعندنا: الحاكم بهما هو الله تعالى، والعقل آلة للعلم بهما، فيخلق الله العلم عقيب نظر العقل نظرًا صحيحا " (٢) وبناء على هذا المبدأ توسع الأحناف في القول بالاستحسان وتنوعت صوره عندهم، وقد سبق أن ذكرنا أن كثيرًا منهم ردوا أحكام العرف والعادة إلى " الاستحسان " فيكون أساس القوة الملزمة للعرف عندهم: العقل والشرع معا (٣) .


(١) الكمال ابن أبي شريف، المسامرة: ٢ /٤٢ وما بعدها.
(٢) التفتازاني، التلويح على التوضيح، القاهرة ١٣٦٧ هـ: ١ /١٩٠.
(٣) انظر فيما سبق: فقرة ٢٦ ابن عابدين، مجموعة رسائل: ٢ /١٣٨ – ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>