فمثلًا وردت رواية نقلها الوافى عن التهذيب، عن سعد بن أحمد، عن الحسين، عن ابن عمير، عن هشام بن الحكم، عن الإمام الصادق عليه السلام، أنه قال فيمن صام تسعة وعشرين يومًا:"إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين – على رؤية – قضى يومًا".
ورواية أخرى عن الشيخ الطوسى، عن القاسم، عن أبان، عن عبد الرحمن، عن الصادق عليه السلام قال:"لا تصم إلا أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه".
وهناك روايات أخرى متفاوتة (راجع الملحق رقم ١) .
وكما قلنا فإن نقطة الخلاف تكمن في انصراف لفظ (البلد الآخر) إلى البلد القريب وعدمه، فلو تم الإطلاق كان ذلك يعنى أن رؤية شرعية ما في بلد تشكل حجة شرعية على كل الأقطار بدخول الشهر، أما لو أدى الإنصراف إلى تقييد الإطلاق فالقاعدة هي وحدة الحكم في خصوص البلدان المتقاربة فقط. ولسنا نقصد فعلًا البحث عن المسألة بقدر ما نريد من تجلية الخلاف وذكر بعض الأقوال في ذلك لنصل إلى النتيجة المطلوبة (راجع الملحق رقم ٢) .
وعلى هذا الأساس، نقول أن مسألة توحيد الشهور القمرية أمر لا ينسجم مع هذا الخلاف – مادام قائمًا- ولا يمكن أن تشكل نظامًا عامًا سواء قلنا بانفتاح باب الاجتهاد أو انغلاقه فإنه بمراجعة الملحق نجد أن المذاهب مختلفة فيها وكذلك آراء المجتهدين القائلين بانفتاح باب الاجتهاد.
ومن الطبيعي والحال هذه أنه لا يمكن إجبار فرد أو دولة على اتباع نظام قد لا نؤمن به شرعًا، فكيف يمكن إصدار مثل هذا القرار؟
خامسًا: ورغم ما سبق فإننا نجد أن الجهود المبذولة قد تكون نافعة في تقريب وجهات النظر، وتشخيص الشهادات الصحيحة من الباطلة –أحيانًا- بل وهى تنفع في توحيد شطر كبير من الذين يؤمنون بمسلك وحدة الآفاق.. إلا أننا مع هذا نحذر من الاستغلال السياسى اللئيم لهذه المسألة الشريفة.
سادسًا: إننا إذا تمسكنا بشريعتنا وبحقانية ما تقول بكل دقة، فزنا ولا يهمنا ما يقوله العالم لنا، ولذلك فإننا نسجل اعتراضنا على الاستناد إلى ما يسمى بـ (ال رأى العام العالمي) في كلمات بعض العلماء. والمهم لدينا أن نحقق ما تريده الشريعة، وقد علمنا أن المسألة خلافية لا إجماع فيها.
وفى الختام فمع تقديرنا للجهود المبذولة في هذا السبيل نود أن يخرج هذا القرار عن الصفة الإلزامية إلى الصفة الترجيحية مع الدعوة إلى التقارب والتأكيد على الأمر.
ونرجو في الختام التوفيق لكل المخلصين العاملين.. والسلام عليكم.