للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما يمكن القول بأن النقطة المشتركة للأدلة الخاصة والعامة التي تناولناها من قبل هي " ضرورة مراعاة العرف " في الشريعة الإسلامية، أما اعتبار العرف مصدرًا مستقلًّا فلا يتفق والبنية المنهجية والفلسفية للفقه الإسلامي ولو عنيت مرتبته بين سلسلة المراتب للأدلة وحدد بقيد عدم مخالفته للنص.

٣- قمنا بتثبيت ظاهرة هامة بالنسبة لمكانة العرف في أدب الفقه الإسلامي، وهي أن كتب الأصول مع أنها تولي كبير أهمية لمناقشة الأدلة الشرعية سواء كانت معترفًا بحجيتها أو غير معترف بها لا تهتم بالعرف سلبًا ولا إيجابًا وفي مقابل ذلك يلاحظ أن العرف احتل في كتب فروع الفقه مكانًا ليس متوازيًا مع وضعه في كتب الأصول حتى أن بعض المؤلفين يجعل العرف سببًا للاستحسان في كتابه المتعلق بالفروع ويحترز عن ذلك في كتابه الخاص بعلم أصول الفقه وكذلك البعض منهم يذكر تعامل الناس بين أصول الشرع في كتابه المتعلق بالفروع بيد أنه لا يتحدث عنه في مكانه أي أثناء تناوله لأصول الشرع في كتابه المتعلق بأصول الفقه (وقد أتيحت لنا فرصة التنبيه إلى خطأ قد يشوش فكر الباحث في تقييم العرف، وهذا الخطأ الذي شاع في كتب عدد من العلماء الأجلاء نسبة تعريف للعرف إلى الغزالي مستندًا إلى كتابه المستصفى من علم الأصول) .

وهنا ينبغي الأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر كل من كتب الأصول والفروع – بالإضافة إلى ما لفتنا النظر إليه من البنية المنهجية والفلسفية للفقه الإسلامي – لتثبيت عوامل هذه الظاهرة ونحن حاولنا جهدنا لتسليط الأضواء على هذه الناحية بلفت النظر إلى ضرورة تناول مفهوم " المصدر الشكلي " بالتفريق بين أدوار الاجتهاد وبين الأدوار التي تلت عهد تكون المذاهب.

وإلى جانب ذلك ذكرنا أن العرف الذي ينوه بمكانته في فروع الفقه ليس في أغلب الأحيان في معنى العرف الذي يلعب دور القاعدة القانونية، بل هو العرف الذي يراعى في تفسير النصوص والعرف المتعلق في نهاية أمره بقواعد اللغة (ولا سيما العرف المفسر لعبارات اليمين) والعرف الذي يساعد الحاكم في تقدير أدلة الطرفين أثناء القضاء.

٤- وبطريقة الإشارة إلى نظام إعمال الأدلة الشرعية في الفقه الإسلامي أوضحنا أن مبدأ مراعاة العرف يلعب دوره غالبًا بشكل طبيعي ودون الحاجة إلى التعبير عنه نظريًّا، وأنه يجري مهمته عن طريق مناهج الاستحسان والاستصلاح خاصة في حالات تضمن الحكم تكليفا شرعيًّا أو مؤيدة شرعية أو التي تقتضي الاستثناء من القاعدة العامة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الدكتور إبراهيم كافي دونمز.

<<  <  ج: ص:  >  >>