للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي شؤون الأسرة "الحالة الشخصية" للعرف دور مميز ففي القيروان مثلًا جرى العرف أن تشترط الزوجة على زوجها أن لا يتزوج عليها وأن يجعل لها حق طلاقها إن خالف هذا الشرط – انظر رسالة التمليك لعظوم بمكتبه الجامعة الزيتونية.

وفي النفقة والمهر والسكنى واللباس للعرف دور كذلك. قال خليل: "يجب للزوجة قوت وأدام وكسوة ومسكن بالعادة بقدر وسعه وحالها والبلد والسعر".

وقال ابن عاصم:

وكل ما يرجع للافتراض

موكول إلى اجتهاد القاضي

بحسب القوت والأعيان

والسعر والزمان والمكان

ونجد العرف له دور كذلك في المعاملات المالية من بيع وشراء وكراء وإجارة.

ومن ذلك بيع المعاطاة الذي يقول من يجيزه إن الله أحل البيع ولم يبين كيفيته فوجب الرجوع فيه إلى العرف، ولم ينقل عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا عن أصحابه مع كثرة وقوع البيع بينهم استعمال الإِيجاب والقبول، ولو استعملوا ذلك في بيوعاتهم لنقل لنا ذلك نقلًا شائعًا لأن البيع مما تعم به البلوى، فلو اشترط له الإِيجاب والقبول لبينه صلى الله عليه وسلم بيانًا عامًّا ولم يخف حكمه. والعرف له دخل كبير في الخصومة والقضاء.

وقال ابن عاصم:

فالمدعي في قوله مجرد

من أصل أو عرف بصدق يشهد

والمدعى عليه من قد عضدا

مقاله عرف أو أصل شهدا

العرف في الاصطلاح القانوني وفي التطبيق:

كانت للعادات أهمية كبرى، ثم تناقصت حتى حل محلها التقنين لكن القانون المبني عليها لم يتلاشَ حتى الآن.

فالقانون المبني على العادات والأعراف يسمى قانون العرف، وأما القانون المبني على التشريع والذي مصدره السلطة البشرية فيسمى القانون المكتوب أو القانون المدون.

والعرف عبارة عن عادة أو سنة معينة، فإن صاحبها الاعتقاد باللزوم فهي عرف تام وهو حينئذٍ عبارة عن قاعدة قانونية غير مكتوبة ولا مدونة.

ويستمد هذا العرف إلزامه من تلقاء نفسه باعتباره مصدرًا من مصادر القاعدة القانونية ولذا فهو يلزم الأفراد لذاته دون أن يتوقف هذا اللزوم على إرادتهم وقبولهم بشرط أن يكون عامًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>