أما الاصطلاح: الاصطلاح الخاص والاصطلاح العام، أو تغيير اللغة بالاصطلاح. وفيه قولان للأصوليين، تعارض العرف العام والخاص وجهان في المسألة، وكذلك تعارض اللغة والعرف فيه وجهان. وإذا تعارض عرف الاستعمال مع عرف الشرع فهو نوعان أيضًا. النوع الأول: ألا يتعلق بالعرف الشرعي حكم، فيقدم عليه الاستعمال، "وحلف لا يأكل لحمًا فلا يحنث بأكل لحم السمك، وإن سماه الله تعالى لحمًا طريًّا. الثاني: أن يتعلق بعرف الشرع حكم فيقدم على عرف الاستعمال. مثاله: "حلف لا يصلي، لم يحنث إلا لذات الركوع والسجود".
حجية العرف عند الأصوليين:
أورد بعض الأصوليين دلالة استعمال العرف في مبحث تخصيص العام.
قالوا – أي العنوان -: بيان ما تترك به الحقيقة، وهي خمسة أنواع عدُّوا منها: دلالة الاستعمال عرفًا، وساقوا له أمثلة منها لفظ الحج. فإن اللفظ للقصد حقيقة، ثم سميت العادة بها لما فيها من العزيمة، والقصد للزيارة فعند الإطلاق يتناول العبادة للاستعمال عرفًا. أما العرف في أقوال الفقهاء: اتباع العرف أمر مجمع عليه. حكاه القرافي وغيره. قال البدر العيني: حمل الناس على أعرافهم ومذاهبهم واجب. وقال ابن العربي: العرف والعادة أصل من أصول الشريعة. لكن الكوثري، قال: وأما تحكيم العرف على النصوص فلم يقع من مسلم ولن يقع، وليس للعرف في الشرع إلا ما بينه علماء المذاهب في كتب القواعد وكتب الأصول والفروع، ويبدو أن هذه المقالات أوردها عند إثارة قضية التجديد في مصر، يعرفها من عايشه.
أما تخصيص العام في العرف العملي، ذهب الحنفية والمالكية إلى أنه لا فرق بين العرف القولي والعرف العملي، فكلاهما يخصص العام، وخالفهم في ذلك الشافعية؛ ذهبوا إلى أن العرف العملي لا يقوى على التخصيص.
حجية العرف:
قال القرافي: العرف مشترك بين المذاهب، ومن استقرأها وجدهم يصرحون بذلك. قال ابن العربي في تفسير قوله تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} ، ليس في الإنفاق تقدير شرعي، وإنما أحاله الله تعالى على العادة، وهي دليل أصولي بنى الله عليه الأحكام، وربط به الحلال والحرام.