الأمر الأول: مكانة مفهوم العرف والعادة في أدب الفقه الإسلامي. الباحث يلاحظ أن العرف على الأقل الكلمات المتعلقة بالعرف والعادة تحتل مكانًا هامًّا في كتب الفروع، ولكن في الكتب الأصولية لا نكاد نعثر على الكلام عن العرف والعادة. معنى ذلك أن الباحث يلاحظ ثنائية في هذا الموضوع في أدب الفقه الإسلامي، مكانته في الكتب الفقهية والأصولية. فعلى سبيل المثال – مثلًا – فإن السرخسي في كتابه المتعلق بالفروع، يذكر بين أنواع الاستحسان، الاستحسان بالعرف. ولكن في كتابه المتعلق بالأصول هو يتحرز عن إعطاء مكانه للعرف وكذلك النسفي في كتابه المتعلق بالفروع (المستصفى) ، يذكر من بين أدلة مشروعية الأحكام تعامل الناس، ولكن في مكانه الأصلي في كتابه المتعلق بالأصول وهو (المنار وشروحه) ، لا يذكر تعامل الناس بين الأدلة الشرعية، فيه ثنائية، وفي كتب الفروع – حقيقة- الباحث يجد مكانة واسعة للعرف، ويجدر بنا أن ننبه إلى أن معظم العبارات الواردة في المواطن التي يعمل فيها الكاتبون من أجل إبراز أهمية العرف والعادة في الفقه الإسلامي، لا تتعلق إلا بدور العادات في إنارة الطريق، أما من يقوم بتفسير التصرفات القانونية، وبالتالي إلى أن سهمًا مهمًّا من المكانة التي يحرزها العرف في أدب الفقه الإسلامي راجع إلى هذا النوع من العرف. يلاحظ الباحث أن سهمًا مهمًّا آخر في المكانة التي يحرزها العرف في أدب الفقه الإسلامي يتعلق بدور العادات أثناء تقدير وتحكيم القاضي أدلة الطرفين المتنازعين، والحقيقة أن كثيرًا من المواطن التي يصار فيها إلى استعمال اصطلاح تحكيم العادة لا تتعلق إلا بمضامين مفهوم تحكيم الحال أو ظاهر الحال أو القرينة ونحوهما. هذا جانب.