للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا يتأكد القيام بثورة شاملة تهز فكر العالم العربي والإسلامي رأسًا على عقب مطالبين بعدم ترك الإسلام للكليات التقليدية تدعو له ولا بأيدي الشيوخ وعلماء الدين يلقنونه. إن مثل هذا الأمر سيزيد في القطيعة والتطرف بين الطرفين المتقابلين الإسلاميين الملتزمين والعلمانيين الحريصين على أن تخلوا الساحة العامة من كل ما هو ديني. وهنا يعرض بعض الدعاة حلًّا يتمثل في النظر إلى الدين نظرة تاريخية تراثية مصرحًا بأن العلمنة تقتضي في واقع الأمر إيجاد مجابهة خصبة بين الرؤيا العلمانية للعالم والرؤيا الدينية له، ويصرح بقوله: أنا مع العلمانية بقوة ولكني أرفض أن يمنع المتطرفون العلمانيون دراسة الأديان بصفتها ظواهر ثقافية كبرى عاشتها البشرية خلال قرون ... (١) .

ومن جهة أخرى يرى أصحاب البرامج الفكرية النهضوية أن المنهج لإعادة تشكيل العقل العربي وبالتالى إعادة تاريخ الفكر العربي الإسلامي يمكن أن يتم بأخذ طريقين:

أولهما: تبني الأفكار المادية واقتباس المناهج الاشتراكية الماركسية للخروج بالفكر العربي من أوضاعه المتردية الراهنة ثم إعادة كتابة التاريخ على ضوء مناهج المادية الجدلية.

ثانيهما: تبني الأفكار المادية أو غيرها من أفكار المذاهب السياسية المعاصرة بالمرور من مرحلة تاريخية فكرية تتم فيها علمنة الشعوب العربية الإسلامية وجعل إيمانها بعقيدتها الإسلامية وعلمها بشريعتها المحمدية ينقلب إلى تقديس لتلك العقيدة كإرث حضاري وثقافي إنساني وتعظيم من طرفها لتلك الشريعة كعطاءات فكرية بشرية تحمل في كيانها عناصر ثورية إذا ما قورنت بزمانها وفترة تاريخها (٢) .


(١) من الموقف الميثولوجي إلى الموقف العرفي. حوار أركون مع هاشم صالح. مجلة الوحدة: ٣ ديسمبر ١٩٨٤. محمد بريش. الهدى: ١٤، ٥- ٧ /١٩٨٦: ٢٧؛ أركون: ١٤ /٢٧.
(٢) محمد بريش. الهدى: ١٣٠، ١ – ٢ /١٩٨٦: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>