للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك ترى الثلة المؤمنة الموقنة القائمة بالحق والداعية إليه: "تتخذ القرآن منهجًا لها – كما قال البنا – تتلوه وتتدبره، وتقرؤه وتتفحصه، وتنادي به وتعمل له، وتنزل على حكمه، وتوجه أنظار الغافلين عنه من المسلمين وغير المسلمين". وتردد بين الناس فخورة معتزة معلنة: "نحن مسلمون وكفى ومنهاجنا منهاج رسول الله وكفى، وعقيدتنا مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله وكفى"، وقد اعتبر القائمون على هذا الأمر في الشرق الأقصى والشرق الأوسط وفي بلاد المغرب أنهم مهما اختلفت هيآتهم وأشكال عملهم وطرق المعالجة لقضاياهم سواء كانوا من المعتدلين أو من المتطرفين أنهم يحملون أمانة ويبلغون رسالة:

تتمثل في إخلاص الوجه لله والخضوع لإرادته في كل ما أمر به أو نهى عنه.

وفي الممارسة الشاملة للإسلام عبادة وقيادة، دينًا ودولة، روحانية وعملًا، صلاة وجهادًا، مصحفًا وسيفًا، فلا ينفك واحد من الأمرين عن الآخر.

وفي تنبيه الغافلين من الناس إلى ما في الإسلام من قيم وإلى وجوب عودة الإسلام إلى الحياة بعد غيبته الطويلة عنها.

وفي بناء الفرد المسلم والأسرة المسلمة والشعب المسلم والأمة المسلمة بناء يقوم على الاحتكام إلى شريعة الله لا إلى أي حكم سواها.

وفي تجهيز المؤمنين بقوة في الاعتقاد والتصور، وبقوة الخلق والتكوين النفسي، وبقوة التنظيم والبناء الجماعي، وقوة الصمود والتصدي، وقوة التغلب على جميع المعوقات.

وفي التضحية والبذل والجهاد وفي سبيل الحق، فما الوهن الذي أذل المسلمين إلا حب الدنيا وكراهية الموت.

وفي التناصر والتعاون والتكافل والتضامن وتقوية الروابط وتعزيزها بين الأقطار الإسلامية جميعًا وبخاصة العربية منها تمهيدًا للتفكير الجدي العملي في توحيدها وجمع كلمتها راية واحدة وجعلها وإن اختلفت بها المناطق والآفاق دولة متكاملة متلاحمة تعود بها الخلافة الضائعة.

ولو أتيح بلوغ هذه الأهداف الغالية بتربية الأمة وتغيير العرف العام وتزكية النفوس وتطهير الأرواح والقضاء على الأفكار والحلول المستوردة التي لا يقرها الإسلام لتغيرت الأرضية التي يمكن للإسلام أن ينطلق منها قويًّا مجددًا ليتبوأ مرة أخرى مكانته التي أرادها الله له في هذا العالم. وإن هذا كما قال الدكتور القرضاوي لرهين قيام مجتمع إسلامي توجهه عقائد الإسلام، وتحكمه شرائع الإسلام، وتقوده مفاهيم الإسلام، وتسوده أخلاق الإسلام، وتسيطر عليه تقاليد الإسلام، وتسري في كل جنباته روح الإسلام، ويصبغ كل شيء فيه بصبغة الإسلام: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} ٍ (١) . مجتمع عقيدة وفكر، مجتمع دعوة ورسالة، لا بد أن تتمثل في جميع نواحي حياته: روحية ومادية، فكرية وسلوكية، تربوية وثقافية، نفسية واجتماعية، اقتصادية وسياسية (٢) .


(١) سورة البقرة: الآية ١٣٨.
(٢) الحل الإسلامي فريضة وضرورة: ص١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>