(فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلاَّ في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها) ، كما قال الإِمام الشافعي رحمه الله، يقول الشاطبي:(الكتاب كل الشريعة وعمدة الملة وينبوع الحكمة وآية الرسالة ونور البصائر والأبصار، لا طريق إلى سواه ولا نجاة إلاَّ لمن استضاء بهداه) . اهـ.
يفتح مغاليق القلوب وتستنير به الأفئدة.
كتاب الله الحكيم فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينبكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم.
أما سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وتقريراته المعزة للقرآن الدالة عليه والمبينة لمجمله والمفصلة لأحكامه، فرضٌ اتباعها وحرام مخالفتها:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} , {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} , {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
أيها المؤمنون:
الإِسلام عقيدة وشريعة. إيمان بالله وتوحيد له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، إيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. عبودية تامة وخضوع مطلق ورضى بدين الله وتصديق برسول الله صلى الله عليه وسلم من غير شك ولا ريب ولا حرج. التزام في المنهج والعمل في التعامل والقضاء والحكم والإِدارة في الأفراد والجماعات.
إن الإِسلام حياة تعبدية تجعل المسلم موصول القلب بربه يبتغي رضوانه في شؤونه كلها.
نظام خلقي يقوم على إشاعة الفضيلة واستئصال الرذيلة. نظام سياسي أساسه إقامة العدل وتثبيت دعائم الحق. نظام اجتماعي نواته الأسرة الصالحة وعماده التكافل بين أبناء المجتمع. دين عمل وإنتاج منهج كامل متكامل لكافة أنماط النشاط البشري على نور من الله ابتغاء مرضاة الله.
من هنا – أمة الإِسلام – فإن هذا الدين بأصوله ومبادئه وفَّى ويفي بحاجات البشرية في كل عصر ومصر، انتشر في أنحاء الدنيا ودخل تحت سلطانه أجناس البشر فوسع بمبادئه وقواعده كل ما امتد إليه نفوذه من أصقاع المعمورة، عالج كافة المشكلات على اختلاف البيئات وما عجز في يوم من الأيام عن أن يقدم لكل سؤال جوابًا ولكل واقعة فتوى ولكل قضية حكمًا. ومدونات الفقه والفتاوى برهان للمتشككين.