الحقيقة كنت سأبادر إلى التحدث بما تحدث به فضيلة الأمين العام، فلا يصح بحال من الأحوال، أن نجعل هذا الموضوع مجال تأجيل على الأقل من حيث المبدأ، فتطبيق الشريعة أمر معروف وواجب وفرض، وأمر مقرر بداهة، ومن الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، فحينئذٍ ينبغي أن يكون لنا الآن صرخة واضحة وعالية ومدوية، لكل هذه الدول التي تنتسب إلى الإسلام دينًا وحكمًا وشرعًا، وإن قصرت في تطبيق أحكامه، ثم هناك رسائل التطبيق، فهناك لا بدّ أن يبحث هذا الموضوع من النواحي المختلفة في الإسلام والجوانب الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والجوانب التشريعية، فكلنا عندما نجادل الحكام في هذا الموضوع، يدّعون أين نظامكم الاقتصادي؟ أين نظامكم الاجتماعي؟ أين التقنين؟ التقنين الذي إلى الآن لم تقتنع بعض الدول العربية أو الإِسلامية، بضرورة تقديم بضاعة جاهزة، ومشروع كامل للقوانين المدنية والجنائية، في صورة ميسرة ومعبدة الطريق لتأخذ سبيلها إلى التطبيق، هم يتذرعون بهذه الذرائع الواهية لا شك، ولكن ينبغي أن نقطع دابر الاحتجاج بمثل هذه الذرائع... هذا شيء. الشيء الآخر طبعًا أرجو ألا يكون هذا الموضوع فيه إثارة حساسية، فهناك دول في هذه المنظمة ودول في هذا المجمع منبثقة من منظمةالمؤتمر الإِسلامي، لا أجد دولة من هذه الدول تقول بمبدأ الإِلحاد، فهناك فرق بين الإِلحاد والعلمانية، فالعلمانية هي مبدأ فصل الدين عن الدولة، أما الإِلحاد فلا أجد دولة لا عربية ولا إِسلامية تجاهر بمبدأ الإِلحاد، وإلا وَجَب شرعًا وجوبًا قاطعًا على أهل ذلك البلد أن يقتلعوا حاكم تلك الدولة من جذوره، إلاَّ أن يكون كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه نور وحجة وبرهان، فهناك أرجو ألا يثير هذا الموضوع حساسية، فلا نقرن الإِلحاد بالعلمنة، فهناك فرق، الشيء الذي أقترحه: أنه منذ عشر سنوات دعينا إلى جامعة الإِمام محمد بن سعود، وطرح هذا الموضوع طرحًا، وعرضت فيه دراسات وافية، واليوم منذ شهرين جدد الطلب في العام القادم في ربيع الآخر سيكون الموضوع، وقد وزع على مختلف العلماء في البلاد الإِسلامية لبحث موضوع "تطبيق الشريعة" من مختلف جوانبه، فأرجو من السادة القائمين على المجمع، أن يكون بينهم وبين جامعة الإِمام محمد بن سعود تنسيق في هذا الموضوع، لأن اليد يجب أن تتعاون مع الأيدي الأخرى، فلا نحن نصرخ في وادٍ وغيرنا في واد وكلها جهود جزئية مبعثرة – يجب أن تكون دائمًا – أثبتت الأحداث فشل المواجهات أو الجمعيات أو التكتلات الإسلامية، بسبب تفرقها وعدم إعلان كلمة واحدة لها أمام الدول.
وعندما يكون القرار نابعًا من الجامعات الإِسلامية، والمجامع الفقهية والمسلمين قاطبة، عندئذٍ لا بدَّ أن يفكر الحاكم بأن هناك قوة هائلة ينبغي أن يذعن لها يومًا ما، فالمطالبة ينبغي أن تنظم وتنسق، ويكون هناك دور بيننا وبين جامعة الإِمام محمد بن سعود، في الواقع دراسات عظيمة ومخطط لها من الآن تخطيط رائع، ينبغي أن تنسق هذه الجهود، ويكون للمجمع دور فيها وتطبع حينئذٍ هذه البحوث بشكل موحد بين الجامعة وبين المجمع. وشكرًا.