للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور إبراهيم الغويل:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

هناك ثلاثة جوانب في هذه القضية يجب أن نفرق بينها.

الأول: أن موضوع " تطبيق الشريعة الإسلامية " وهو موضوع كما قال أخي الشيخ عطا الله والشيخ علي التسخيري، لو علمنا به – ولكن السيد معالي الأمين العام أوضح السبب – لكان الجميع قد اهتم به لأننا نعتبر أنه نقطة الأساس في هذا المجمع، والاهتمام به كان سيمكن من دراسات معمَّقة لمشاكل عملية واجهناها، فقد كان – من فضل الله علي – أن قضيت خمس سنوات في اللجنة العليا لتقنين الشريعة الإِسلامية في بلدي، وواجهتنا مشكلات التقنين، سواء في المجال الجنائي والحدود وما يتعلق بها، ومراجعة القانون المدني على ضوء الشريعة الإِسلامية ومراجعة القانون التجاري على ضوء الشريعة الإِسلامية وقانون المصارف الذي أشير إليه، فلم يفت فيه أحد بأن للدولة أن تعمل، إنما كان الأمر أمر التدرج في التطبيق، فمنع على مجال الأفراد والشركات الخاصة، ولكن بحكم العلاقات المعينة التي كانت تربط الدول الإسلامية، في ظل النظام العالمي الذي يفرض هيمنته عليها أرجئ هذا الأمر، ولكن لم يقل أحد بحليته، وأطمئن أخي الدكتور وهبة الزحيلي على ذلك لأنني عضو هذه اللجنة العليا، وأعرف ما دار فيها جيدًا، وفيما يتعلق بالربا، هذا جانب، ولا زلت أكرر أنه فعلًا قد لا نقول بالإِرجاء، ولكن يجب أن نقول بالاستمرار، الاستمرار في بحث هذا الموضوع، وأن يكون موضوعًا أساسيًّا للدعوة، الأمر الآخر يتعلق بما قدم من بحوث، قطعًا سيستغرب معالي الأمين العام أن أقول له أني اطلعت على بحثه، ولديَّ ملاحظات عديدة، طبعًا هو جهد، ومعالي الأمين العام ليس في مكان أن يثني عليه، ولكني كنت أتمنى أن يتم التوقف أمام كثير من الأفكار التي وردت في هذا البحث، فالتفرقة بين الشريعة والفقه، لا أعتقد أنه يمكن أن ينظر إليها بالصورة التي رأى بها معالي الأمين العام، وكأنها إحدى المحاولات للهجوم على الشريعة، فشريعة الله وما شَرَع الله من دين غير ما فهمه واستنبطه الفقهاء: باختلاف الزمان والمكان والظروف، المذهبية أيضًا والنظر إليها، لا يمكن أن ينظر إليه والقول بالموقف من المذهبية، أمر لا يمكن أن ينظر إليه بالصورة التي نظر إليها معالي الأمين العام، والأمر يحتاج إلى تفسير وتوسيع ومناقشات موسعة حول هذه القضايا، أيضًا النظر بالنسبة للعَلْمانية: للأسف ساد في العالم الإِسلامي تفسير العَلْمانِيّة، وذهب كثير من الناس إلى استعمال كلمة "العَلْمانِيّة": وهي في الواقع آتية من الاهتمام بهذا العالم فسميت العَلْمانِية وأراد الذين سموها أن يتلاعبوا بقربهم من كلمة العلمانية: يظن الناس أنها عِلمانية وأنها متصلة بالعالم، أصل كلمة "العلمانية" في الغرب هي "سيكيوار" (الآن وهذا العالم) ، وتهدف بالأصل إلى مواجهة ما كان في الرهبنة من الالتفات عن العالم الذي يعيشه الناس، ونفي التقديس عن مظاهر الطبيعة، أي اعتبار مظاهر الطبيعة مسخَّرة وليست هي عفاريت وجن وما إليها، ونفي القداسة أو العصمة على الأفراد الذين كانوا يدعونها في الحكم، وهي قد وصلت إلى الغرب من عين الحضارة الإِسلامية، ولكنهم ولم يؤمنوا بأنه "لا إله إلا الله" أرادوا أن يؤسسوها على (الاهتمام بالعالم والآن) فالعَلْمانية في أساسها وفي جذورها هي نبع الفكر الإِسلامي، ولكنها بحكم عدم اتصالها بكلمة "لا إله إلا الله" جرت، وحينما جاءت إلى الوطن العربي أراد من جاؤوا بها عن جهل – كما فعلوا في قضايا كثيرة – أن يربطوها بالعلم ويربطوها بمناقشة الدين، ولم يعرفوا أن الإسلام في حقيقته يؤكد أن للمسلمين حتى في دعائهم أن يقولوا: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".

<<  <  ج: ص:  >  >>