للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكون وظيفة البنوك العقارية في تلك الحالة، هي الوكالة عن الدولة في تنظيم وتنسيق وتنفيذ تقديم هذه الأموال، لأصحاب تلك المشروعات، ثم استردادها منهم بعد ذلك على أقساط، لا تزيد في مجموعها على ما قدمته لهم من أموال، بل ربما تتنازل الدولة عن جزء كبير منها في بعض الأحيان. . . وهذه الطريقة تتبعها – في العادة – الدول الغنية الرشيدة، لكي تساعد أبناءها على امتلاك المسكن المناسب، وعلى التوسع في إحياء الموات من الأرض، وقد ترتب على هذه السياسة الحكيمة أن زاد العمران وكثر عدد العاملين في مجالات النشاط الاقتصادي على اختلاف ألوانه، وأنفقت الأموال في وجوه الخير التي يعود نفعها على الجميع، كما ترتب على هذه السياسة الحكيمة – أيضاً – أن كثرت المساكن، وصار المعروض منها أكثر من المطلوب، فرخصت أسعارها، وأصبح المسكن الذي كان يؤجر منذ عشر سنوات في المملكة العربية السعودية – مثلاً – بثلاثين ألف ريال في السنة، أصبح الآن – كما بلغني – يؤجر بأقل من هذا المبلغ بنسبة قد تصل إلى الثلث.

ومما لا شك فيه أن هذه الطريقة التي اتبعتها بعض الدول، هي من السنن الحسنة، التي لأصحابها من أولي الأمر، أجرها وأجر من عمل بها من بعدهم.

(ب) أما الطريقة الثانية من الطرق التي اتفق العلماء على إباحتها، فهي: أن تقدم البنوك العقارية لأصحاب مشروعات استصلاح الأرض، أو تشييد المساكن، الأموال التي هم في حاجة إليها لإقامة مشروعاتهم، ولكن على سبيل المشاركة لهم بالنصف أو بالثلث أو بعير ذلك. . .

والمشاركة – كما نعلم – جائزة شرعاً، بدليل قوله تعالى: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [سورة النساء: الآية ١٢] .

وبدليل ما أخرجه الإمام أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال: ((يقول الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإن خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما)) .

أي أن الله – تعالى – يبارك للشريكين في المال، ويحفظه لهما ما لم تحدث خيانة من أحدهما للآخر، فإن حدثت نزع الله – تعالى –البركة من مالهما.

وقد جاء في الفقرة السادسة من المادة الثانية من النظام الأساسي للبنك العقاري المصري ما نصه: (كما يجوز للبنك المشاركة في مشروعات التعمير والإسكان واستصلاح الأراضي في إطار الشريعة الإسلامية) .

(ج) والطريقة الثالثة التي يمكن للبنوك العقارية أن تسلكها لتمويل المشروعات العقارية النافعة تتلخص في الرهن.

وهو في اللغة يطلق على الثبات والدوام، ومنه قولهم: نعمة راهنة، أي ثابتة ودائمة كما يطلق أيضاً على الحبس، كما في قوله – تعالى -: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} أي: محبوسة بكسبها وعملها ومعناه شرعا: إعطاء الدائن ضمانا ذا قيمة معلومة، يضمن له حقه في ذمة المدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>