للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرهن جائز شرعا، بدليل قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [سورة البقرة: الآية ٢٨٣] .

أي: وإن كنتم – أيها المؤمنون – مسافرين، وتداينتم بدين إلى أجل مسمى، ولم تجدوا كاتبا يكتب لكم ديونكم، أو لم تتيسر لكم أسباب الكتابة، فإنه في هذه الحالة يقوم مقام الكتابة رهان مقبوضة، يقبضها صاحب الدين ضمانا لحقه عند تعذر أخذه من المدين.

ومن الأحكام التي أخذها الفقهاء من هذه الآية الكريمة: أن تعليق الرهان على السفر ليس لكون السفر شرطا في صحة الرهان، فإن التعامل بالرهان مشروع في حالتي السفر والحضر.

وإنما علق هنا السفر لأنه مظنة تعسر الكتابة، لما فيه من التنقل وعدم الاستقرار وقد ثبت في الصحيحين عن أنس – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى ودرعه مرهونة عند يهودي على ثلاثين وسقا من شعير، رهنها قوتًا لأهله. (١) .

ومن الواضح أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – عندما رهن درعه لليهودي، كان مقيما ولم يكن مسافرا.

قال القرطبي: " ولم يرد عن أحد منع الرهن في الحضر سوى مجاهد والضحاك وداود، متمسكين بظاهر الآية، ولا حجة لهم فيها، لأن الكلام وإن خرج مخرج الشرط فالمراد به غالب الأحوال. . . " (٢) .

وإذًا فمن الوسائل المشروعة التي يمكن أن تستعملها البنوك العقارية لضمان حقها بالنسبة لمن سلمتهم شيئًا من أموالها لاستصلاح الأرض، أو لبناء المساكن، أن تأخذ منهم على سبيل الرهن ما يناسب قيمة تلك الأموال التي دفعتها لهم.

وقد جاء في الفقرة الأولى من المادة الثانية من النظام الأساسي للبنك العقاري المصري ما نصه / (وللبنك في سبيل تحقيق أغراضه القيام بما يأتي: منح القروض وغيرها. . . وذلك على الوجه الآتي: قروض أو تسهيلات ائتمانية لآجال لا تتجاوز خمس سنوات، بضمان رهن عقاري ويجوز أن يكون الضمان ودائع، أو خطابات ضمان، أو أوراق مالية. . .) .

(د) كذلك من الوسائل التي نرى إباحتها للبنوك العقارية التي تقدم الأموال اللازمة لأصحاب تلك المشروعات العقارية النافعة أن تأخذ منهم مقابل خدماتها لهم، مبالغ مناسبة، يقدرها الخبراء العدول كأجور للموظفين وللعمال ولغير ذلك من المرافق التي تكلف البنوك الكثير من الأموال، والتي تخلت الدولة عن دفعها، وأذنت للبنوك في تحصيلها من المتعاملين معها نظير ما تقدمه لهم من خدمات متنوعة، لا تستطيع القيام بها إلا بتحصيل تلك المبالغ.


(١) تفسير ابن كثير: ١/ ٣٣٧.
(٢) تفسير القرطبي: ٣/ ٤٠٧

<<  <  ج: ص:  >  >>