ولقد فكرت مليا في هذا الأمر فوجدت أنه لا يجوز لنا نحن معاشر خدام هذه الشريعة وحملتها من أهل الفقه والاجتهاد في المسائل أن نترك هذه العقود الإسكانية الاستصناعية يتخللها الربا فيفسدها أو شبهته فيلوثها. . والناس اليوم في أزمات إسكانية في أنحاء العالم، لتفجر المشكلة السكانية، فالمشكلة في تزايد، والربا إذا دخل أفسد كل شيء ولوث بأوضاره كل شيء، فما هو الحل؟ ١!
أجد الحل يكمن في تخليص هذه العقود الإسكانية الاستصناعية بعد استكمال شروطها وضوابطها – في تخليصها من الربا ومن شبهته، وذلك يكون بأحد حالتين اثنتين ظهرتا لي الآن:
(أ) الحالة الأولى: في تسلم الدولة حصرا حل مشكلة الإسكان بالتزامها بإنشاء المساكن وبيعها للمواطنين بيعا على الخارطة دون اللجوء إلى بنوك ربوية أو ما شباه ذلك فالدولة بائع والمواطن مشتر والعقد استصناع مستكمل شروطه وضوابطه، والبيع هنا ولو كان بالتقسيط أو نقدا فهذا لا يهم ما دام المشتري لا علاقة له بالبنك توكيلا ولا قبضا ولا صرفا، لا سيما إذا كانت البنوك الربوية ملكا خالصا للدولة فإنها تلحق بالخزينة العامة، ويجب أن ينص على أن التعامل مع البنك الربوي ولو اضطرت إليه الدولة فهو بلا فائدة قطعا قرضا أو إقراضا لهذه المشكلة الإسكانية حصرا.
(ب) والحالة الثانية: وتعتمد قيام بنوك إسلامية غير متوفرة في بلادنا، فيتولى البنك الإسلامي غير الربوي هذه المشاريع الإسكانية ويشرف على عقودها إشرفا كاملا فيصبح بائعا والأفراد مشترين، ويكون ذلك كله عن طريق شركات المضاربه وينبغي أن ينص في وثائق تأسيس هذه البنوك على ذلك صراحة.
ولعل هناك حلولا أخرى لم أوفق إليها فأنا هنا باحث ولست مستقصيا، والمقصود هو تنقية هذه العقود من شوائب الربا ورجسه ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، لأن الأصل فيها أنها عقود غير ربوية، والربا أو شبهته أمران طارئان وليسا أصليين، فيستبعدان، ليبقى العقد صالحا للعمل ويرجع كما كان عقدا غير ربوي، هذا والله تعالى أعلم.