للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي التمويل العقاري الذي ألحقناه فيما ذكرنا بعقد الاستصناع استحسانا يدخل الربا أو شبهته في جميع الحالات في صوره المعاصرة حال غياب الفقه الإسلامي عن التعامل في الساحة العامة لدى المسلمين بعامة.

ولكن الربا ليس بشرط في تمام هذا العقد ولا في نشوئه فقها ولا قانونا، إذ بإمكاننا إقامة عقد استصناع في بناء المساكن وشرائها غير ربوي.

وقبل ذلك يجدر بنا أن نحصر الملابسة الربوية في العقود الجارية لبناء المساكن وشرائها في هذه الأيام في حالة الجمعيات السكنية في مشكلتين، إما الربا الصراح أو شبهة الربا.

فالربا الصراح هو أن تخصص الجمعية السكينة الدار بأحد المشتركين من أعضائها المكتتبين وليس معه ما يتمم ثمن الدار بعد دفع الأقساط المترتبة فيفوض هذا المشترك المكتب الإداري للجمعية بالاستقراض على اسمه من البنك الربوي بحيث يكون هو ذاته مسئولا عن تسديد هذا المبلغ من ماله الخاص بالتقسيط قولا واحدا، وبهذا يتسلم الدار ويتمم هو للبنك دفع الأقساط المترتبة عليه مع فوائدها، وهذا عين الربا وهو حرام، والعقد هنا حرم القيام به على هذه الصورة لأنه جاوره محرم وهو الربا فصار قبيحا لغيره.

وأما شبهة الربا فهي أن يدفع العضوالمشترك الأقساط المترتبة عليه حتى إذا خصصوه بدار وخيروه بين الاستقراض على اسمه بالتوكيل منه من البنك الربوي وبين دفع بقية الذمم المترتبة عليه من ثمن الدار من ماله، ففي هذه الصورة نجا العقد من حقيقة الربا، ولكن شابته شبهة الربا وهي كون البنك اقترض منه المكتب الإداري للجمعية سلفا باسم أعضائه ما نقصهم من المال وهو بنك ربوي، وهذه هي شبهة الربا، هي شبهة قوية تجعل العقد مكروها كراهة تجريمية لمخالطته شبهة محرمة شرعا.

فالحالة الأولى: وهي حقيقة الربا المخالطة للعقد لا تجوز إلا للضرورة القصوى بحيث لم يجد المبتلى من يقرضه ولا من يسكنه ولا من يدعمه حتى ولا بالأجرة ليسكن مع عائلته بوجه من وجوه الدعم فإما أن يبيت في الشارع العام يلتحف السماء ويفترش الأرض وإما أن يسلك هذا السبيل جاز له ذلك بقدر الضرورة، وبقدر ما يدفع الهلاك عن نفسه وعياله.

وأما الحالة الثانية: فتجوز لغير القدوة من العلماء والفهاء في حالة الحاجة والحرج وهي حالة دون الضرورة وفوق الحالة العادية، وبقدر ما يدفع الحرج والحاجة. . والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>