للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكمة قبول الدين التأجيل دون العين: ما قرره الفقهاء من أن الفرق بين الأعيان والديون من حيث جواز التأجيل في الثانية دون الأولى: أن الأعيان معينة ومشاهدة، والمعين حاصل وموجود، والحاصل والموجود ليس هناك مدعاة لجواز ورود الأجل عليه.

أما الديون فهي مال حكمي يثبت في الذمة، فهي غير حاصلة ولا موجودة، ومن ثم شرع جواز تأجيلها رفقًا بالمدين، وتمكينًا له من اكتسابها وتحصيلها في المدة المضروبة، حتى إن المشتري لو عين النقود التي اشترى بها لم يصح تأجيلها.

والديون من حيث جواز التأجيل وعدمه: قرر الفقهاء أن الديون في الأصل تكون حالّة وأنه يجوز تأجيلها إذا قبل الدائن واستثنى جمهور الفقهاء من هذا الأصل عدة ديون:

(١) رأس مال السلم، (٢) وبدل الصرف، (٣) والثمن بعد الإقالة، (٤) وثمن المشفوع فيه على خلاف. واختلفوا في جواز اشتراط تأجيل القروض، فيرى جمهور الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة وغيرهم أنه يجوز للمقرض المطالبة ببدله في الحال، وأنه لو اشترط في التأجيل لم يتأجل وكان حالًّا.

وذلك لأنه سبب يوجب رد المثل في المثليات، فأوجبه حالًّا، كالإتلاف، ولو أقرضه بتفاريق، ثم طالبه بها جملة له ذلك، لأن الجميع حالٌّ، فأشبه ما لو باعه بيوعًا حالًّة ثم طالبه بثمنها جملة، ولأن الحق يثبت حالًّا، والتأجيل تبرع منه ووعد، فلا يلزم الوفاء به، كما لو أعاره شيئًا، وهذا لا يقع عليه اسم الشرط، ولو سمي شرطًا مجازًا (١) .

جاء في اللباب شرح القدوري ما نصه: "ويجوز البيع بثمن حالٍّ وهو الأصل، ومؤجل إذا كان الأجل معلومًا لئلا يفضي إلى المنازعة، وهذا إذا بيع بخلاف جنسه ولم يجمعها قدر، لما فيه من ربا النساء كما سيجيء، وابتداء الأجل من وقت التسليم، ولو فيه خيار فمنذ سقوطه عنده خانية، ويبطل الأجل بموت المديون لا الدئن " (٢) .، ومثل ذلك في الدر بحاشية رد المحتار لابن عابدين فلينظر (٣) .

وجاء في الدر المختار للحصكفي ووافقه عليه ابن عابدين: " عليه ألف ثمن جعله ربه نجومًا، إن أخل بنجم حل الباقي، فالأمر كما شرط ". اهـ ومعنى (حل) أي صار حالًّا (٤) (٤) .


(١) انظر الموسوعة الفقهية ٢/٢٢ وما بعدها.
(٢) انظر اللباب: ٢/٦.
(٣) انظر رد المحتار: ٤/٢٤ وما بعدها.
(٤) المرجع السابق الصفحة ذاتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>