للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقصد إلى البحث

حكم البيع بالتقسيط وضوابطه الفقهية

تلخص مما ذكرت اتفاق الفقهاء في المذاهب الأربعة الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة على جواز البيع بالتقسيط إلى أجل معلوم مهما طال الأجل ولو إلى عشرات السنين.

ولآجل خلو هذا العقد عن الربا أو شبهته، وعن الجهالة الفاحشة، وجدت بعد الاستقراء ضوابط فقهية معتبرة لهذا العقد الذي تفشى اليوم تفشيًا ملحوظًا حتى صار أكثر وقوعًا من البيع النقدي في كثير من البلدان والحالات.

وهذه الضوابط – استخلصتها كما ذكرت بالاستقراء من كتب الفقه المقارن وعلم الخلاف - تنحصر فيما يلي

١- الضابط الأول: افتراق مجلس السوم عن مجلس العقد في هذا النوع من البيوع (بيع التقسيط) كي لا تقع في شبهة الربا (زدني أجلًا أزدك مالًا) .

وعلى هذا:

فللمشتري أن يقوم أولًا بمجلس سوم يعرف فيه ثمن السلعة المباعة نقدًا وثمنها تقسيطًا وما الفرق بينهما من حيث قدر الثمن، ويعرف كذلك النجوم وآجالها. فإذا عرف ذلك غير المجلس تغييرًا حقيقيًا وهو الأفضل بالانصراف بنفسه عن المجلس أو حكميًا بالانصراف عن الكلام في الموضوع والتحدث بأمر آخر لا علاقة له بما ذكرت ثم يعود بعد فاصل أجنبي إلى الحديث في إيجاد العقد على مبدأ التقسيط بالنجوم والآجال المذكورة (حصرًا) ، أما إذا خلط المشتري ذلك كله في مجلس واحد وقع في شبهة الربا.

٢- الضابط الثاني معلومية الأجل، ومعلومية النجوم، فالجهالة الفاحشة مفسدة للعقد، وقد صرح المالكية بأنه لا بأس ببيع أهل السوق على التقاضي، وقد عرفوا قدر ذلك بينهم، والتقاضي: (تأخير المطالبة بالدين إلى مدى متعارف عليه بين المتعاقدين) (١) .

هذا: ومن حق المشتري إذا كان المبيع معيبًا أو ظن أنه مستحق أن يمتنع من أداء الثمن، إلى أن يستخدم حقه في العيب فسخًا أو طلبًا للأرش إلى أن يتبين أمر الاستحقاق.

ويجوز تأخير الدين الحالّ، أو المؤجل بأجل قريب إلى أجل بعيد، وأخذ مساوي الثمن أو أقل منه من جنسه، لأنه تسليف، أو تسليف مع إسقاط البعض، وهو من المعروف، ولكن لا يجوز تأخير رأس مال السلم عند الجمهور خلافًا للمالكية حيث أجازوا تأخيره في حدود ثلاثة أيام ولو بشرط.


(١) انظر الموسوعة الفقهية: ٩ / ٤٠ وما قبلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>