للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، وقد أفتى الحنفية أن الجهالة اليسيرة لا تؤثر في صحة الأجل فيعد كالأجل المعلوم ولكن اشترطوا لذلك أن لا يذكر هذا الأجل المجهول جهالة يسيرة في العقد ـ بل يكون بيعًا مطلقًا، ثم يذكر الأجل بعد ذلك لم يفسد العقد وكان له أخذ الكل جملة، ولو باع مؤجلًا بلا ذكر مدة في العقد انصرف لشهر أو للعرف العام الذي تعارفه الناس (١) .

٣- والضابط الثالث: المؤيد الفقهي في حال إخلال المشتري بأداء الثمن المؤجل، أي أخل بالوفاء بقسط أو بأقساط حل أجلها.

فقد اتفق الفقهاء على أنه: إذا كان المشتري موسرًا فإنه يجبر على أداء الثمن الحالِّ، كما ذهب الجمهور في الجملة إلى أن للبائع حق الفسخ إذا كان المشتري مفلسًا، أو كان الثمن غائبًا عن البلد مسافة القصر.

وذهب الحنفية إلى أنه ليس للبائع حق الفسخ، لأنه يمكنه التقاضي للحصول على حقه، وهو في هذه الحالة دائن كغيره من الدائنين، لكن يسقط الأجل وله المطالبة بكل الأقساط من الثمن المتبقية حالّة.

وهذا عندهم ما لم يشترط لنفسه خيار النقد، بأن يقول مثلًا (إن لم تدفع الثمن في موعد كذا فلا بيع بيننا) ، واختلف في مقتضى هذا الشرط، هل هو انفساخ البيع، أو استحقاقه الفسخ باعتباره فاسدًا، والمرجح عند الحنفية أنه يفسد ولا ينفسخ (٢)

وللشافعية والحنابلة تفصيل في حال إخلال المشتري بأداء الثمن الحالّ لا للعكس ينظر في مدوناتهم.

وقالت المالكية بِشأن خيار النقد الذي أثبته الحنفية في تصريح لهم بمثله فيما إذا قال البائع للمشتري: (بعتك لوقت كذا) أو (على أن تأتيني بالثمن في وقت كذا، فإن لم تأت به في ذلك الوقت فلا بيع بيننا) ، فقد جاء في المدونة تصحيح البيع وبطلان الشرط، وروي عن الإمام مالك قولان آخران. صحة البيع والشرط، وفسخ البيع (٣)

ذيل البحث

وإذا كان الثمن منجمًا، فإن على البائع تسليم المبيع ولا يطالب المشتري بالثمن إلا عند حلول الأجل الأول فيما بعده بالاتفاق، وأما إذا كان بعض الثمن معجلًا وبعضه مؤجلًا، فإن للبعض المعجل حكم تعجيل الثمن كله، فلا يطالب المشتري البائع بتسليم المبيع إلا بعد تسليم الجزء المعجل من الثمن (٤) .

خاتمة البحث

في هذه العجالة اللطيفة استطعت إلى حد أن أسلط الأضواء على مسألة ظلت تختلف فيها الآراء وتتقاذفها الأهواء، وهي بعد من النوازل المهمة في عصرنا هذا، جرى بها التعامل وتعارف عليها الناس بل وعقدوا كثيرًا من معاملاتهم المالية بمقتضاها ألا وهي بيع التقسيط.

لعلي أكون قد وفقت إلى الخير وهديت إلى الرشد، وأصبت فيما اجتهدت. . . إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور


(١) انظر رد المحتار: ٤/٢٣ وما بعدها.
(٢) انظر المرجع السابق: ص ٢٤، وشرح المجلة: ٢/١٩١.
(٣) الشرح الصغير، والدسوقي وفتح العلي المالك، والموسوعة الفقهية: ٩/٣٩.
(٤) الموسوعة الفقهية: ٩/٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>