للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(د) أن هذه الزيادة بسبب الأجل، والزيادة لهذا السبب خالية عن العوض فتنطبق عليها كلمة الربا الذي يعني الزيادة بدون عوض فتندرج تحت التحريم.

الرأي الثاني، وهو رأي الجمهور، وقد أجازوا فيه الزيادة في ثمن العرض مقابل تأجيل دفعه، فعلى هذا تصح على رأيهم صورة البيع مدار البحث وذلك عند انصراف إرادة المتعاقدين إلى صيغة معينة من البيعتين وهي صيغة زيادة ثمن السلعة مقابل تأجيل دفع ثمنها على أن يكون الدفع على وجبات يتفق عليها الطرفان عند إبرام العقد، وهذه وجهة نظر المالكية والشافعية والحنفية والحنابلة والزيدية والإمامية والإباضية.

ومن أدلة الجمهور على جواز هذا البيع:

(أ) أن صورة البيع مدار البحث داخلة في عموم كثير من الآيات الكريمة التي تقضي بجواز هذه البيوع، منها قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} . وقوله تعالى {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} .

(ب) واستدلوا ببعض الأحاديث والآثار المروية التي دلت على جواز جعل المدة عوضًا عن المال وأن الزيادة في الثمن المؤجل جائزة. منها: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بن العاص أن يجهز جيشًا فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل)) . ومنها، أن النبي عليه الصلاة والسلام لما أمر بإخراج بني النضير، جاء ناس منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله إنك أمرت بإخراجنا، ولنا على الناس ديون لم تحل، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: ((ضعوا وتعجلوا)) .

(ج) واستدلوا كذلك بالمعقول، حيث قالوا: إن الزيادة لا تتعين عوضًا عن الزمان بدليل أن بعض الناس قد يبيع سلعته بالأجل بأقل مما اشتراها به لقلة الطلب على البضاعة وللخوف من كسادها ورخصها.

وقالوا أيضًا: إن الأصل في الأشياء والعقود والشروط الإباحة متى تمت برضا المتعاقدين الجائزي التصرف فيما تبايعا إلا ما ورد عن الشرع ما يبطله، ولما لم يرد دليل قطعي على تحريم البيع بالتقسيط، فيبقى على الأصل وهو الإباحة، ومن ادعى الحظر فعلية الدليل.

وقد أجاب الجمهور على أدلة القائلين بعدم جواز الزيادة في الثمن مقابل الأجل بأجوبة مقنعة فصلتها في البحث، مما دعاني لترجيح مذهبهم.

وجوب تحديد الأجل عند البيع بالتقسيط:

حصل الاتفاق بين القائلين بجواز البيع بالتقسيط بوجوب تحديد الأجل بوقت يتفق عليه المتعاقدان وأن لا يكون الأجل مجهولًا كهبوب الريح ونزول المطر وما أشبه ذلك.

هذا وإن رجال القانون قد نحوا منحى جمهور الفقهاء عندما أجازوا البيع بالتقسيط والزيادة في الثمن مقابل تأجيله. والله أعلم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الدكتور إبراهيم فاضل الدبو

<<  <  ج: ص:  >  >>