للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مسند الإمام أحمد عنه قال: ((سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يديه، ولم يؤثر بذلك)) قال الله تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [سورة البقرة: الآية ٢٣٧] وينهر الأشرار، ويستذل الأخيار، ويبايع المضطرون، وقد ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر، وعن بيع الغرر، وبيع الثمر قبل أن يطعم)) . .

وله شاهد من حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه سعيد، عن هشيم، عن كوثر بن حكيم، عن مكحول: بلغني عن حذيفة أنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بعد زمانكم هذا زمانًا عضوضًا، يعض الموسر على ما في يديه، ولم يؤثر بذلك، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سورة سبأ: الآية ٣٩] وينهر شرار خلق الله، يبايعون كل مضطر، ألا إن بيع المضطر حرام، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخونه، إن كان عندك خير فعد به على أخيك ولا تزده هلاكًا إلى هلاكه، وهذا من دلائل النبوة، فإن عامة العينة إنما تقع من رجل مضطر إلى نفقة يضن بها عليه الموسر بالقرض حتى يربح عليه في المائة ما أحب. اهـ. هذا حديث ابن القيم عن العينة. وانتقل بعد هذا للحديث عن التورق فقال:

وهذا المضطر إن أعاد السلعة إلى بائعها فهي العينة، وإن باعها لغيره فهو التورق، وإن رجعت إلى ثالث يدخل بينهما فهو محلل الربا، والأقسام الثلاثة يعتمدها المرابون، وأخفها: التورق وقد كرهه عمر بن عبد العزيز، وقال: هو أخيه الربا.

وعن أحمد فيه روايتان، وأشار في رواية الكراهة إلى أنه مضطر، وهذا من فقهه رضي الله عنه، قال: فإن هذا لا يدخل فيه إلا مضطر، وكان شيخنا رحمه الله يمنع من مسألة التورق، وروجع فيها مرارًا وأنا حاضر، فلم يرخص فيها وقال: المعنى الذي لأجله حرم الربا موجود فيها بعينه مع زيادة الكلفة بشراء السلعة وبيعها والخسارة فيها، فالشريعة لا تحرم الضرر الأدنى وتبيح ما هو أعلى منه. اهـ.

انتهى كلام ابن القيم رحمه الله. (أعلام الموقعين: ٣/٢١٥ – ٢٢٠) ، وحديث ((إذا تبايعتم بالعينة ...)) بين الشيخ أحمد شاكر صحة إسناده (١) .

وذكره البيهقي وقال: روي من وجهين ضعيفين عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر، فتعقبه ابن التركماني بقوله: ذكره ابن القطان، من وجه صحيح عن عطاء، عن ابن عمر فقال:. . . (وذكر الحديث) . ثم قال بعد ذكر الحديث " " ثم صححه – أعني ابن القطان – وقال: هذا الإسناد كل رجاله ثقات " (٢)


(١) انظر المسند ٧/٢٧- حديث رقم ٤٨٢٥
(٢) انظر السنن الكبرى للبيهقي: ٥/٣١٦، وفي ذيله: الجوهر النقي لابن التركماني

<<  <  ج: ص:  >  >>