للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لي الواجد يحل عقوبته وعرضه)) . قال سفيان: عرضه: يقول مطلتني وعقوبته: الحبس.

وفي تعليق التعليق لابن حجر (٣/٣١٨ – ٣٢٠) ذكر طرقه المختلفة الموصولة، وقال كما قال في الفتح: إسناده حسن.

والحديث الثالث: ((لا ضرر ولا ضرار)) :

ذكر السخاوي في المقاصد الحسنة (ص ٤٦٨) أن الحديث أخرجه مالك والشافعي مرسلًا، وأحمد وعبد الرزاق وابن ماجه والطبراني، وفيه جابر الجعفي، وابن أبي شيبة من وجه آخر أقوى عنه، والدارقطني من وجه ثالث.

وقال المناوي في فيض القدير (٦/٤٣٢) : الحديث حسنه النووي وقال: له طرق يقوي بعضها بعضًا، وقال العلائي: للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به.

والحديثان الأول والثاني ظاهران في ظلم الغني المماطل، واستحقاقه للعقاب، وهما مما يحتج به، والعقوبة هنا تعزيرية، وذهب الجمهور إلى أن العقوبة هنا هي الحبس، وإن جاز في التعزير غيره كالضرب والتوبيخ، وما دام الهدف من العقوبة التعزيرية الردع والزجر وأداء الحقوق، وليس في العقوبة هنا حد مقرر، فالأمر إذن فيه متسع أمام القاضي أو ولي الأمر، فقد يرى في التوبيخ الكفاية، وقد يرى ضرورة الضرب مع الحبس، والأمر لا يستدعي كبير خلاف ما دام الحكم يصدر من عادل غير محكم للهوى والتشهي.

والحديث الثالث ينهى عن الضرر، ومن القواعد الشرعية المعروفة أن الضرر يزال، والمصرف لحقه ضرر فيجب أن يزال.

ومن المعروف أن الدائن ليس له إلا دينه، سواء أخذه وقت استحقاقه، أم بعد مدة المطل، وما أجاز أحد من الفقهاء أن يدفع المدين قدرًا زائدًا عن الدين كعقوبة تعزيرية، ولو قيل يدفع مقابل الزمن فهذا هو عين الربا.

قال المجيزون: إن المصلحة تقتضي منع المماطل من استغلال أموال المسلمين ظلمًا وعدوانًا، وإذا كانت الفائدة الربوية تمنع المطل مع البنوك الربوية، فإن الإسلام لا يعجز عن أن يوجد حلًا لمشكلة المطل التي تعاني منها المصارف الإسلامية، وإذا كان الفقهاء السابقون رأوا أن تكون العقوبة الحبس، وهذا غير مطبق الآن، فعلى فقهاء العصر أن يجتهدوا لإيجاد الحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>