للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أضافوا: والقدر الذي نرى أن يتحمله المماطل هو ما يقابل الربح الفعلي للمصرف، فهذا ليس من باب الربا، ولكنه من باب منع الضرر الذي يلحق بالمصرف.

وربما كان من الصعب التفرقة بين ما ذهب إليه هؤلاء وبين الربا.

ويبقى هنا كذلك أن نسأل:

ما الهدف من العقوبة التعزيرية؟

ومن الذي يحدد هذه العقوبة؟

ومن الذي يأمر بإيقاعها؟ أو يقوم بتنفيذها؟

أفيمكن أن يكون شيء من هذا للمصرف؟

لو جاز أن يكون للمصرف استحداث عقوبة تعزيرية يوقعها بالعميل وهي تشتبه بالربا، إن لم تكن هي الربا بعينه، فمن باب أولى أن يكون له الحق في العقوبة التعزيرية المقررة كالحبس أو الضرب.

ونأتي إلى الجانب التطبيقي لنرى هل تحقق الهدف من هذه العقوبة؟

بعض المصارف رأت أن المتعاملين معها الذين لا يؤدون الأقساط في مواعيدها بلغوا من الكثرة حدًّا يصعب معه النظر في كل حالة، والتفرقة بين مطل الغني وعجز الفقير، كما توجد عوامل أخرى تزيد الأمر صعوبة، ولذلك عند تأخر أي مدين عن الأداء يضاف على دينه ما يقابل الربح الذي يعلنه المصرف في حينه، ولا يستطيع أي أحد أن يفرق بين هذا وبين الربا المحرم، وقد يقال إن هذا خطأ في التطبيق لا في الفتوى، ولكن على المفتي أن ينظر إلى ما يمكن تطبيقه.

وبعض المصارف الأخرى تمسكت بنص الفتوى، فكانت ترسل للعميل أولًا حتى تتأكد من المطل قبل إنزال العقوبة، ويلاحظ هنا أن الأرباح التي تحققها المصارف الإسلامية أقل من الفوائد الربوية في أوقات كثيرة، فالذين يستحلون هذه الفوائد استمروا في مطلهم غير عابئين بما يضيفه المصرف الإسلامي وبذلك تحولت العقوبة التعزيرية إلى زيادة ترتبط بربح المصرف والزمن، ورضي بهذا الطرفان!

فهل تحقق الهدف من العقوبة التعزيرية؟

أم تحولت العقوبة إلى نوع جديد من الربا؟

ويبقى هنا أيضًا أن نسأل:

إذا لم يكن هذا التصرف مشروعًا – وأظنه غير مشروع – فهل نجد عند مجمعكم الموقر حلًّا لمشكلة الأموال الضخمة التي يستحلها الأغنياء القادرون المماطلون؟

نرجو أن يتسع وقت المجمع لبحث هذا الموضوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>