للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الأول

آراء الفقهاء

للفقهاء حول هذا الموضوع اتجاهان، اتجاه يرى جواز زيادة السعر في البيع بالنسيئة عن سعر البيع بالنقد، واتجاه يرى حرمة أخذ الزيادة، الاتجاه الأول هو اتجاه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، والاتجاه الثاني هو اتجاه بعض فقهاء السلف الآتي ذكرهم.

والجمهور الذين يرون جواز أخذ الزيادة بسبب تأخير استيفاء الثمن استدلوا بأدلة من الكتاب والسنة والعقل، ففي مجال الاستدلال بالكتاب استشهدوا بقوله تعالى:

١- {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [سورة البقرة: الآية ٢٧٥] وقالوا: إنه سبحانه وتعالى ذكر البيع مطلقا غير مقيد، وهو بهذا الإطلاق يشمل البيع نقدًا والبيع نسيئة، فالبائع له أن يبيع بالنقد بسعر وبالنسيئة بسعر آخر أعلى، وهو في كلتا الحالتين بائع البيع الذي أحله الله، فالمحرم هو الربا، والبيع نسيئة بسعر أعلى من سعر البيع بالنقد ليس بربا (١) .

٢- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [سورة النساء: الآية ٢٩] ، وقالوا: الآية تدل على أن الربح الحاصل من التجارة عن التراضي بين المتبايعين ربح حلال، والربح الزائد الناجم عن البيع بالنسيئة الذي يرضى به الطرفان ربح ناتج من التجارة عن تراضٍ.

فالحرام هو أكل أموال الناس بالحيلة والغش والتدليس والغصب وما إلى هذه الأمور من المحرمات، وزيادة السعر في البيع بالنسيئة لا تنضوي تحت وجه من هذه الأوجه المحرمة.

وفي مجال الاستدلال بالسنّة قالوا:

ورد عن داود بن صالح المدني عن أبيه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما البيع عن تراض)) (٢) ، فالحديث يدل على أن البيع والشراء منوطان برضا المتبايعين، فإذا تم الرضا بينهما وتم الإيجاب والقبول يكون البيع صحيحًا ويترتب عليه آثاره، فالبائع والمشتري في البيع بالنسيئة إذا اتفقا على سعر معين ومدة معينة لإيفاء الثمن يكون العقد صحيحًا وإن كان بسعر أعلى من سعر البيع بالنقد.


(١) شرح فتح القدير: ٥/٢١٨
(٢) راجع سنن ابن ماجه: ٢/٧٣٦، ٧٣٧ جاء فيه نقلا عن مجمع الزوائد، أن إسناده صحيح ورجاله موثوقون، ورواه ابن حبان في صحيحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>