للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢- ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى حرمة بيع العينة (١) وذهب الشافعية إلى كراهته (٢) .

وورد بشأن العينة معان أشهرها أن يبيع الرجل سلعة نسيئة بسعر زائد ثم يشتريها من المشتري بسعر أقل (٣) قال ابن عابدين، اختلف المشايخ في تفسير العينة التي ورد النهي عنها، قال بعضهم: هي أن يأتي الرجل المحتاج إلى آخر ويستقرضه عشرة دراهم – مثلًا – ولا يرغب هذا الآخر في الإقراض طمعًا في فضل لا يناله بالقرض، فيقول له أبيعك هذا الثوب إن شئت باثني عشر درهمًا، وقيمته في السوق عشرة، فيرضى طالب القرض ويأخذ الثوب ويبيعه بعشرة، فيحصل لرب الثوب درهمان زيادة على قيمة الثوب.

وقال بعضهم هو أن يدخل طالب القرض وصاحبه رجلًا ثالثًا بينهما، فيبيع الرجل الثوب إلى طالب القرض نسيئة باثني عشر درهمًا، وطالب القرض يأخذ الثوب ويبيعه إلى الرجل الثالث بعشرة دراهم، وهذا الأخير – الثالث – يبيعه إلى الأول بالمبلغ الذي اشتراه به، وهو عشرة دراهم، وهنا أيضا يترتب بذمه طالب القرض اثنا عشر درهمًا مقابل قيمة الثوب الذي هو عشرة دراهم، أي درهمان زيادة بسبب الأجل قال محمد بن حسن الشيباني: هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال ذميم اخترعه أكلة الربا (٤) .

وهنا يظهر لنا ممسك آخر للقول بعدم جواز زيادة السعر في البيع بالنسيئة على القيمة الحقيقية للشيء، فالذي حرم المعاملة في الأمثلة السابقة التي هي صور من بيع العينة يرجع في الحقيقة إلى هذه الزيادة، زيادة السعر عن القيمة للشيء بسبب الأجل، بدليل أن البائع إذا باع حاجة بمبلغ إلى شخص ثم اشتراه منه بالمبلغ نفسه دون نقص كان البيع بيعًا طبيعيًّا خاليًا عن شائبة الربا.

فالزيادة في السعر في بيع حاجة بسبب النسيئة تؤول في النهاية إلى قرض قيمة تلك الحاجة بتلك الزيادة بسبب الأجل، وهو يكون في حكم النفع الذي يسببه القرض، والذي هو ممنوع شرعًا كما مر معنا.


(١) نيل الأوطار: ٥/٢٢٠، الموسوعة الفقهية.
(٢) مغنى المحتاج: ٢/٣٩.
(٣) المصدر السابق.
(٤) حاشية رد المحتار: ٥/٢٧٣

<<  <  ج: ص:  >  >>