للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- البيع مع شرط التسليم في ميناء القيام:

في هذه الصورة من البيع يتم تسليم البضاعة للمشتري أو وكيله بعد أن ينقلها البائع إلى الميناء ويشحنها على السفينة التي يعنيها المشتري، وعلى المشتري أو وكيله إبرام عقد النقل مع السفينة ودفع المصاريف، وقد يتولى البائع إبرام عقد النقل بتوكيل من المشتري لحسابه أو بإتفاق في عقد البيع على أن يبرم البائع عقد النقل على السفينة التي يعنيها المشترى، ويدفع جميع المصاريف التي تكون جزءًا من ثمن الشراء.

وفي جميع هذه الحالات يكون المشتري متسلمًا للبضاعة في ميناء القيام، وتدخل في ضمانه، ويتحمل تبعة هلاكها في الطريق فيجوز له على هذا أن يبيعها وهي في الطريق على ظهر السفينة، ويكون البيع بعد تسلم المشتري سند الشحن من البائع الذي يصله عادة قبل وصول البضاعة ويتم البيع بينه وبين المشتري الجديد بتسلمه سند الشحن، لأن هذا السند يمثل البضاعة في العرف التجاري.

وينبغي أن يطبق على هذا النوع من البيع حكم بيع العين الغائبة؛ لأن البائع، وإن كان مالكًا للبضاعة وقابضًا لها، إلاَّ أن البضاعة ليست حاضرة، وسند الشحن فيه وصف للبضاعة المبيعة فيكون هذا البيع من قبيل بيع العين الغائبة على الصفة، وهو جائز عند جمهور الفقهاء، مع اختلافهم في لزومه وعدمه، والرأي المقبول عندي هو أن مشتري العين الغائبة على الصفة إذا وجدها متفقة مع الصفة لزمته، وإذا كانت مختلفة فله الخيار في إمضاء البيع وفسخه، وهذا هو رأي أكثر القائلين بجوز بيع العين الغائبة على الصفة (١)

وينبغي التنبيه أيضًا إلى أن جواز بيع البضاعة في الطريق بعد تسلم سند الشحن خاص بالمشتري الأول، أما المشتري الثاني فلا يجوز له بيع البضاعة التي اشتراها بناء على سند الشحن إلاَّ بعد وصول السفينة، وتسلم البضاعة؛ لأنه لو باعها في السفينة في الطريق يكون قد باع ما اشتراه قبل قبضه.

والله الموفق والهادي إلى الصواب.


(١) انظر تفصيل هذا الموضوع في كتابي الغرر وأثره في العقود: ص ٤٠٤ - ٤١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>