ومذهب المالكية أن عقود المعاوضات التي يقصد بها المكايسة والمغابنة لا يجوز بيع ما ملكت به قبل قبضه، وأن عقود المعاوضات التي لا يقصد منها المغابنة، وإنما تكون على جهة الرفق يجوز بيع ما ملكت به قبل قبضه، وأن عقود المعاوضات التي تتردد بين قصد المغابنة والرفق، وهي الشركة والتولية والإقالة، يجوز بيع ما ملكت به قبل قبضه، إذا لم تدخلها زيادة أو نقصان.
وعلة منع بيع الإنسان ما اشتراه قبل قبضه هي الربا عند المالكية، والغرر الناشئ عند عدم القدرة على التسليم عند الأئمة الثلاثة، لاحتمال هلاك المحل.
والصور المستحدثة في هذا الموضوع التي رأيت التنبيه إليها في هذا البحث تتصل ببيع المرابحة للآمر بالشراء، الذي كثر العمل به في البنوك الإسلامية، وكثيرًا ما يدخله الفساد بسبب تساهل المطلوب منه السلعة في قبضها من البائع، قبل بيعها لطالبها.
فمن الصور الفاسدة في هذا البيع أن يقدم طالب السلعة للبنك فاتورة مبدئية بما يطلب شراءه، فيشتري الموظف السلعة للبنك حسب الفاتورة، وغالبًا ما يتم هذا الشراء بالتلفون، ثم يبرم عقد البيع مع طالب السلعة ويعطيه شيكًا بالمبلغ المبين في الفاتورة ليسلمه للبائع، ويتسلم منه السلعة، قبل أن يتسلم هو السلعة أو يراها.
وقد يتساهل بعض الموظفين بأكثر من هذا فيبرم عقد البيع مع طالب الشراء بمجرد تقديمه للفاتورة المبدئية بربح ١٠ % مثلا، ويسلمه شيكًا بالثمن المبين في الفاتورة. فهذا عقد قرض بفائدة، وليس بيعًا.
ومن صور البيع الفاسدة بيع السلعة وهي في الطريق على ظهر السفينة، بناء على تسلم مستند الشحن، إذا كان البيع الأول تم بشرط التسليم في ميناء الوصول، فإن المشتري لا يجوز له أن يبيع السلعة قبل وصولها الميناء وتسلمها، ولو تسلم سند الشحن.