وسنرى في المبحث القادم أن مرد الخلاف الحاصل في بعض المسائل بين الفقهاء إنما مرده إلى اختلاف الأخبار والآثار.
وبعد الذي عرضناه من أقوال الفقهاء في صور تحقق القبض يتلخص لنا:
أولا: أن الحنفية اعتبروا التخلية قبضًا في العقار وغيره سواء كان مكيلا أم موزونًا، وهذا بخلاف غيرهم إذ أن الراجح في مذهب المالكية والشافعية والحنابلة أن المكيل والموزون وما في حكمهما لا يتم قبضة إلا بالوزن أو الكيل سواء كان حاضرا أم غائبًا. والحنفية لا يرون لزوم بيع الغائب بل يعطون الخيار للمشتري وبيع العقار الغائب لا يحتاج إلى القبض لنقل الضمان إلى المشتري بل يكفي العقد والتخلية هذا عند المالكية والحنابلة وهو كذلك عند الشافعية مع اشتراط مضي الزمن الكافي للقبض.
ثانيا: أما غير المكيلات والموزونات، فإن مذهب المالكية متوسع في وقوع الملكية وانتقال الضمان بمجرد العقد ويحظى هذا القول تأييدًا عند بعض الحنابلة.
ثالثا: بناء عليه فإن ما يجري في الأسواق من التخلية بين المشتري والسلع من غير المكيلات والموزونات وما في حكمها صحيح وهي في ضمان المشتري.
أما المكيلات والموزونات فإن قبضها تقيد بتقديرها عن طريق النصوص الواردة في سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.
والتخلية حسب العرف سواء كانت بإذن شفهي أو بكلام مكتوب أو بكل ما تعارف الناس في انه تخلية.