للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسا – ذهب أبو عبيد بن سلام وإسحاق إلى أن كل شيء لا يكال ولا يوزن فلا بأس من بيعه قبل قبضه (١) وهو موافق لرواية عند الحنابلة وعليه بعض الإمامية (٢) .

ودليل هذا الرأي أن الضمان لا ينتقل فيما يكال أو يوزن إلا بكيله أو وزنه وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما لم يضمن، وهذه رواية عن سعيد بن المسيب.

سادسا – وذهب ابن حبيب وعبد العزيز بن أبي سلمة وربيعة إلى أن كل شيء لا يكال ولا يوزن ولا يعد فيجوز بيعه قبل قبضه وهو كالرأى السابق مع إضافة المعدود (٣) .

سابعا: نقل عن عثمان البتي أنه قال: لا بأس ببيع كل شيء قبل قبضه (٤) وهو قول عطاء بن أبي رباح (٥)

وقد رد ابن عبد البر هذا الرأي بالسنة والحجة والمجمعة على منع بيع الطعام قبل قبضه. وقال: أظن أنه لم يبلغهما الحديث.

إن سبب اختلاف الفقهاء على هذا الشكل سببه توارد الأحاديث الكثيرة بهذا الخصوص وهي في درجة الصحة سواء، إنما اختلفت الروايات في بعض ألفاظ اعتمدها كل فقيه لدعم مذهبه.

ولكن الذي يقال إن الأيسر من كل هذه المذاهب هو ما ذهب إليه فقهاء المذهب المالكي من أن كل شيء يمكن بيعه قبل قبضه ما عدا الطعام سواء كان مكيلًا أو موزونًا لو لم يكن – وذلك لتوافق الروايات واتفاق الفقهاء على منع بيعه قبل قبضه.

وغير الطعام يجوز بيعه قبل قبضه إن كان مقدرًا أو جزافًا.

فهذا الرأي يمكن المصير إليه مع تطور حركة البيع والشراء في أسواقنا وتنوع صور البيع وسرعتها يجعلنا نرجح هذا المذهب.

وعلى هذا المذهب تخرج صور القبض الدائرة في أسواقنا من حيث صحتها وعدمها توافقًا مع أحكام الفقه الإسلامي. والله أعلم.

وهو الهادي إلى سبيل الصواب والرشاد.

الدكتور محمد رضا عبد الجبار العافي


(١) انظر بداية المجتهد: ٢/١٠٨
(٢) نفس المصدر
(٣) المغنى: ٤ / ٢٢٠
(٤) الزرقاني: ٣/ ٢٨٧، سبل السلام: ٣/ ١٥
(٥) القواعد والفوائد للعاملي: ٢/ ٢٦٣، أما الرأي الآخر فهو منع بيع الطعام قبل قبضه وهو كقول المالكية.

<<  <  ج: ص:  >  >>