قال في المغني إن كل ما يحتاج إلى قبض إذا اشتراه لم يجز بيعه حتى يقبضه لقول النبى صلى الله عليه وسلم ((من ابتاع طعامًا فلا يبيعه حتى يستوفيه)) متفق عليه. ولأنه من ضمان بائعة فلم يجز بيعه كالسلم.
أما إذا لم يحتج إلى قبض فإنه يجوز بيعه قبل قبضه في أظهر الروايتين.
ويروى مثل هذا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وسعيد بن المسيب والحكم وحماد والأوزاعي وإسحاق.
أما الرواية الأخرى فلا يجوز بيع شيء قبل قبضه وهي اختيار ابن عقيل.
ودليله أن العقد الأول لا يتم إلا بعد أن تستوفي أحكامه فلا يرد عليه عقد آخر قبل انبرامه. وبهذا قال ابن المسيب (فقه سعيد بن المسيب: ٤/١٥) ، وهو مذهب الشافعية كما سبق.
وهناك روايات في المذهب متعددة أوردها ابن رجب منها أن الشيء إذا كان متعينًا جاز بيعه قبل قبضه. أما غير المتعين وهو المبهم فلا يجوز بيعه قبل قبضه. ولا يجوز ما منع بيعه قبل قبضه للبائع فهو كغيره لعموم الخبر.
ويذكر الحنابلة ضابطا كما هو عند الحنفية: فكل عوض ملك بعقد ينفسخ بهلاكه قبل القبض لم يجز التصرف فيه قبل قبضه كالذي ذكر في المكيلات والموزونات ومثله الأجرة وبدل الصلح إذا كانا من المكيل أو الموزون أو المعدود. أما ما لا ينفسخ العقد بهلاكه جاز التصرف فيه قبل قبضه كعوض الخلع والعتق على مال وبدل الصلح عن دم العمد وأرش الجناية وقيمة المتلفات.
وما امتنع بيعه تمنع الشركة فيه والتولية وكذلك حوالته وهذا وفاق الشافعي.
أما ما يجوز بيعه قبل قبضه فيجوز.
أما هبة المبيع ورهنه وإجارته قبل القبض فللحنابلة وجهان.
أما ثمن المبيع، فإن كان معينًا جاز التصرف فيه سواء كان المبيع مما يمنع بيعه قبل قبضه أم لا. وإن كان مبهمًا لم يجز التصرف فيه قبل تعيينه.